الأردن ومجلس التعاون الخليجي
ينتظر أن يبدأ الأردن مفاوضاته مع الأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي، فما هي حدود الاتفاق المتوقعة والمأمولة؟ وما هي خطة الأردن ودول الخليج تجاه "النظر في طلب الأردن" الانضمام الى مجلس التعاون؟
الآمال على صعيد الأردن عالية، والوضع المثالي يعني عضوية كاملة. لكن هذا الخيار سيأخذ وقتا، وعلى الأرجح لن يتحقق في القريب العاجل. فدول الخليج تربطها اتفاقيات جرى تطويرها والعمل عليها على مدى أكثر من ثلاثة عقود. كذلك، فإن التركيبة الاقتصادية والسياسات الضريبية والجمارك، كلها ملفات لا قِبل للأردن بها؛ تلك الدول لا تفرض ضريبة دخل ومبيعات أو جمارك بنسب تقترب حتى من المفروضة في الأردن.
السيناريو الأفضل أردنيا يقوم على فرضية أن المصالح المشتركة هي التي ستقرر حدود التعاون المرتقب؛ فالأردن المستقر يعتبر مصلحة خليجية، والدور الأردني الأمني الذي يمكن أن يمارسه يعتبر الميزة النسبية الأولى لدول مجلس التعاون التي تحوطها أزمات جديدة، داخلية وخارجية. فهناك العراق الذي ما يزال يبحث عن صيغة مقبولة للاستقرار، وهناك اليمن الذي توشك الدولة فيه على الانهيار، وهناك الخطر الإيراني المتواصل، وليس خافيا التوتر القائم في البحرين.
كل ذلك يعني أن بناء المؤسسات والحفاظ على الاستقرار يعتبر مصلحة مشتركة، تدفع باتجاه البحث عن بدائل لتطوير العلاقات بين الجانبين الأردني والخليجي على أسس جديدة تقوم على منح الأردن مزايا إضافية مقارنة بدول أخرى. هذه المزايا تتعلق بثلاثة أمور رئيسية؛ الأول يتعلق بالاستثمارات التي يمكن لدول الخليج الدفع بها إلى الأردن من خلال برامج واضحة تضمن تلك الاستثمارات في أجواء عدم الاستقرار السائدة. الثاني يتعلق بالتجارة الخارجية، فرغم أن الأردن يقوم بالتصدير إلى دول الخليج ويستورد منها، إلا أن هذه التجارة لم تصل إلى حدها الأقصى، وفي كثير من الأحيان فإن الصناعات الأردنية القائمة على النفط المستورد لا تستطيع المنافسة أمام السلع المستوردة من دول الخليج بسبب سياسات الدعم غير المعلن. وهذا يتطلب التوصل إلى ترتيبات خاصة فيما يخص النفط المستورد. أما الأمر الثالث الغاية في الأهمية، فيتعلق بانتقال الأيدي العاملة الأردنية. وهذا يعتبرالمفتاح الرئيسي للمفاوضات. فالأردن مصدر للأيدي العاملة، والآمال متعلقة بكيف يمكن ترتيب هذا الملف الذي سيخفف من الضغوطات المحلية، ومن شأنه أن يشكل نقطة تحول مهمة في العلاقة بين الجانبين. وفي العادة، يجري تأجيل هذا الملف إلى مراحل متأخرة في المفاوضات، كونه يعتبر شائكا ومعقدا. وفي الحالة الأردنية، يجب أن تكون هناك خطة واضحة للملفات التي ستبحث، وجدولتها وفقا لأولويات الأردن التنموية.
النتائج إذا اقتصرت على الملف الاقتصادي تعتبر في صالح الأردن، وتطوير استراتيجية تفاوضية تقوم على مبدأ الدولة الأولى بالرعاية من قبل دول الخليج يشكل الخطوة الأولى في هذا الاتجاه. ويجدر الاعتراف بأنه لا يوجد رأي موحد داخل منظومة مجلس التعاون فيما يخص وضع الأردن، بل هناك تباين في بعض المواقف. وهناك فرصة كي نستمر ببرامج الإصلاح الذاتية، ونستغل الصيغة الجديدة لتجنب المزيد من الأزمات، لكن يجب عدم التعامل مع هذا الملف كمخرج نهائي من الأزمات المزمنة التي يمر بها الأردن.