ونحن على ابواب شهر رمضان المبارك
ونحن على ابواب شهر رمضان المبارك
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الدكتور: رشيد عبّاس
في كل عام يعيش المجتمع في شهر رمضان المبارك مجموعة من الممارسات ومجموعة من الازمات التي لا داعي لها ولا مبرر وتتنافى مع الحكمة من الصوم والصيام, والمفروض ان تخف حجم ونسب مثل هذه الممارسات والازمات في هذا الشهر المبارك مقارنة بباقي اشهر السنة, كون شهر رمضان شهر عبادة لله تعالى, لا شهر تسوّق وتفتل بالأسواق, واحتكار وتبذير وتلاسن وتجمهر امام المحال, فقد تعلمنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الأسواق واطرافها هي من أبغض البِقاع إلى الله تعالى, وعلينا التعجيل بالخروج منها, مع اجتناب مرافقة (الاهل) إلا للضرورة.
ونحن على ابواب شهر رمضان المبارك فان واحدة من هذه الازمات وأكثرها حدة وخطورة هي ازمة ازدحام المركبات وكثرتها وتواجدها بالذات بعد صلاة العصر حتى ساعات الغروب, حيث نلاحظ ان الكل يحاول الانطلاق بمركبته الخاصة لشراء حاجاته الغذائية, والكل يحاول ان يضع مركبته امام او بجانب المتجر الذي يود الشراء والتسوق منه, وهذا بالضرورة يؤدي الى اعاقات واختناقات مرورية يعجز عن ادارتها رجال السير المختصون, الامر الذي قد يؤدي الى عدم امكانية خروج البعض من المكان وقد تبدأ للأسف الشديد المشاكل سواء كانت بالأيدي او بالألسن او بالنظرات الغارفة بحجة ان (ابو علي) صائم.
ثم هناك ازمة اخرى ايضا لا تقل اهمية عن ازمة الازدحامات والاختناقات المرورية تتمثل في التجمهر والتجمع الفوضوي عند وامام المحال التجارية بشكل يعيق البيع والشراء الانسيابي المعتاد, والصحيح ان الاصطفاف المنتظم بطريقة (الدور) هو الذي يساعد على البيع والشراء الانسيابي المعتاد دون تأخير او تأخر, فهذه الازمة سببها التجمهر والتجمع الفوضوي وليس العدد المتواجد, فالاصطفاف المنتظم بـطريقة (الدور) يساعد على الانجاز وسرعة الحركة مهما كانت الاعداد.
وثمة ازمة اخرى تتعلق بطوابير المخابز والافران عند ساعات الغروب, حيث اننا نجد ان طوابير من المواطنين تتجمهر امام المخابز والافران لشراء مادة الخبز وملحقاته قبل الغروب بقليل, الامر الذي قد يؤدي الى خلق ازمة حادة جدا امام المخابز والافران, ناهيك عن الازمات المتعلقة ببعض محال الحلوى وبيع القطايف في مثل هذا الوقت.
ويمكن ان نخفف من حدة مجمل هذه الازمات من خلال الابتعاد عن ذروة ساعات الازمة وهي معروفة في شهر رمضان المبارك والتي تبدأ من بعد صلاة العصر حتى ساعات الغروب ما امكن ذلك, وشراء بعض السلع في فترة ما قبل الظهر, او فترة ما بعد صلاة التراويح, ثم العمل على مبدأ الالتزام بحفظ النظام والاصطفاف المنتظم بطريقة (الدور), والترفع عن الممارسات غير اللائقة وخلق الفوضوي.
وعلى التجّار ان يخافوا الله في شهر رمضان المبارك بالذات, وان يبتعدوا عن فكرة الاحتكار والغش, وان يكون كسبهم مشروعا وحلال وبنسب معقولة, ويجب أن يكون البيع مبنيا على الصدق والبيان، لا الكذب وكتمان عيوب السلع, وان يتفهموا التجّار ان هناك مواطنين احوالهم المادية متواضعة, لا تحتمل الاحتكار ورفع اسقف الربح, والتلاعب بالأسعار.
مع ضرورة ان يكون الشراء (بقدر) وحسب الحاجة, كي لا نضطر يوميا الى القاء كميات كبير من الطعام والشراب والخبز في اكياس القمامة والحاويات, ...فالمبذرين كانوا وما زالوا اخوان للشياطين, وكان وما زال الشيطان لربه كفوراً, ومن يكفر بالنعمة على اشكالها لا يستحقها وستزول من بين يديه عاجلا ام آجلا والله اعلم.
وعلينا في هذا الشهر المبارك توسيع مفهوم صلة الرحم ما امكن وحسب القدرة في هذا الشهر المبارك لتشمل الذكور والاناث وتخرج عن دائرة الاخت والبنت فقط لتشمل الأقرباء في طرفي الرجل والمرأة ذكورا وإناثا من ناحية الأب والأم, من خلال الإحسان اليهم في (القول) والفعل.
بقي ان نقول: ينبغي ان يمنحنا الصوم والصيام الهدوء والتسامح والطمأنينة والسكينة وقبول الآخر, وتمرير الزلاّت, وتجاوز الاخطاء, والشعور بالآخرين, نعم ينبغي ان يمنحنا الصوم والصيام الصحيح التدرب والتدريب على (ترشيد) كل شيء في حياتنا اليومية لصالح التوجه الى الله دون نفاق او دون ترحيل بعض البدع لهذ الشهر الفضيل, حتى نتعلم من رمضان اسمى المعاني والعبر والدروس الايمانية الصحيحة.
وكل عام وجميع المؤمنون والمؤمنات (الذين) بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر بألف الف خير.