محلل اقتصادي: لن تفلح حزمة اجراءات حكومة الرزاز..وحراك رمضان هذا المرة سيكون مختلفًا

أخبار البلد  - مصطفى صوالحه

عندما يؤكد وزير المياه والري، المهندس رائد أبو سعود أنه لن يكون هناك فصلٌ للمياه عن أي مواطنٍ أردني يقطن في مناطق الدخل المنخفض بالتحديد خلال شهر رمضان، فإن في ذلك رسالة واضحة في أن الوزارة تقف إلى جانب المواطن ولا تريد أن تزيد من أعباءه بقطع المياه عنه لعدم دفعه الفاتورة.

ليس هذا فحسب، فالوزير شدد على الالتزام بإيصال المياه إلى المواطنين كافة، في وقتٍ محدد، وبكمياتٍ كافية، وبتعاملٍ ايجابي وجاد، وبإجراءات مُيسرة، مع الأخذ بعين الاعتبار ملاحظات المواطنين في هذا الشأن، فالأعباء متزايدة ويجب أن يُخففوا عن المواطن بشتى الوسائل والطرق، وغيرها من الاجراءات المتعلقة بفاتورة الكهرباء وأقساط البنوك وأسعار السلع.

المحلل الاقتصادي، محمد بني هاني، قال إن رئيس الوزراء، الدكتور عمر الرزاز يترقب شهر رمضان الذي أطاح الشعب فيه برئيس الحكومة الأسبق الدكتور هاني الملقي، بنوعٍ من القلق، بل إنه ينظر إلى رمضان على أنه شهر الاستعداد الشعبي للتواجد في الشارع والصراخ بأعلى صوت وإرادةٍ حرة أن هذا يكفي فلم يعد الشعب يحتمل.

وأضاف أن حزمة القرارات التي اتخذتها حكومة الرزاز ترتكز على خمسة أمور هامة هي: المياه والكهرباء والغذاء والقروض والمشتقات النفطية،إذ إنها عصب حياة المواطن الأردني، وأي تلاعبٍ بها يضيق الخناق عليه وقد يكون سببًا في إندلاع أول مواجهةٍ حقيقية بين الشعب والحكومة، وعلى ذلك، فإنه يجب على الحكومة أن تجد الوسيلة المثلى لاستيعاب حاجات المواطن الأساسية، وذلك بتقيد المؤسسات كافة بتقديم أفضل الخدمات للمواطن الأردني بعيدًا عن منظومة الشركات المهزوزة وبيروقراطية التعامل وتمرير الوثائق من تحت الطاولة.

وأردف بني هاني أن الاجراءات التي تتخذها حكومة الرزاز تهدف –كما يتضح- إلى امتصاص الحراك الشعبي الذي يُمكن أن يتولد في أي لحظة، كما حصل في العام الماضي.

وأشار إلى أن المواطنين أمام حزمة اجراءات مدروسة ومخطط لها بشكلٍ جيد، إلا أنه وفي الجهة المقابلة، الحكومة تخشى أن يعود مد الحراك وجزره، عندها، سفينة الحكومة سترتطم بجباه الشعب القاسية التي ستغرقها، فمطالب الحراك أيضًا لم تعد نفسها، فإذا كان رئيس الوزراء الأسبق، الدكتور هاني الملقي، قد لاحت به رياح الشعب بعيدًا بعد مطالبات اقتصادية، فإننا الآن أمام مطالب اصلاحية ستتناول ضبط النفقات الحكومية وأرجوحة المخالفات التي بدأت تعلو في بحر منصات التواصل الاجتماعي، لتهبط بها الوثائق المسربة على قلوب المواطنين فتغظيهم أشد غيظ.

وتابع أنه عند النظر إلى دوافع المواطن الأردني في النزول إلى الشارع من أجل إسقاط الحكومة فأنه يبحث عن التغيير نحو الأفضل وأن يأتي كادر حكومي أكفئ من سابقه ويتحلى ببعضٍ من المسؤولية تجاه المواطنين الأردنيين، بالإضافة إلى القضاء على بؤر الفساد التي طالت المؤسسات المختلفة، لكن ما حصل معه عند قدوم الدكتور عمر الرزاز، كان على عكس التوقعات، وإن كان الرزاز يختلف عن سابقه في طريقة التعامل مع الأحداث المحلية، ورغم أننا شعرنا بجديته في محاربة الفساد -الذي بات يلتهم آمال الشعب الأردني وكأنها كأوراق الشجر التي تتغذى عليها دودة القز- إلا أنه لم يفعل شيئًا، بل إن التجاوزات في عهده أخذت منحنى آخر.

وتسائل بني هاني عن طبيعة الحراك المقبل..مضيفًا أن حالة اليأس التي يعيشها المواطن الأردني ستكون عاملًا  مهمًا في قدومه للدوار الرابع، لكن سهام الفساد التي جعلت جسده يشبه الفزاعة ستكون معيقًا.

وقال في تناوله مسألة القضاء على المديونية التي تتمثل في توسيع موارد الاقتصاد، إن الدولة القوية تستند على القانون لضمان التنمية والازدهاء، ومن يراقب الواقع يرى أن ما يقوله الرزاز ضربٌ من الخيال، بل إنه يتجرد من المنطق، ففي الوقت الذي كان يجب أن تكون الحكومة فيه تتمتع بصلاحيات أكبر وملاحقة قانونية أعمق فإننا نجد الحكومة هي نفسها لا تريد أن يكون الأردن خاويًا من الفساد، أو على الأقل ليكن الفساد موجودًا لكن دون أن نشعر أننا لسنا من هذه الأرض وأن ما عليها هو فانٍ وليس من حقنا وإنما من حق الطبقة العليا التي تتلاعب بنا وكأننا ناسٌ نيام لا نعلم ما الذي يدور من حولنا.

وأكد بني هاني أن الحراك الأردني، حراكٌ شبابي، تتمثل مطالبه بالعيش الكريم وليس اللئيم، يهتفون بأن الله هو العليم، العليم بحاله وضنك معيشته وحياته التي باتت تقتصر فقط على زراعة الأحلام في الباحة الخلفية من منازلنا وشرفنا..وأن الحكومة –ببساطة- تؤكد أهمية مواردها البشرية، لكن أن تغادر مواردها البشرية إلى الخارج بحثًا عن الاستقرار والحياة التي آن الأوان أن تعيشها، فإن في ذلك خللٌ لا يمكن السكوت عنه.

وبيّن أن الظروف مهيأة لحدوث الإنفجار العظيم والذي سيشطر الحكومة إلى شطرين، وأنه عند ملاحظة الاحتقان الشعبي فإن إبر التخدير الحكومية لم تعد تجدي نفعًا، فكلما غُرزت الإبر، اجتاح اللا شعور كامل الجسد والعقل.

لذلك يجب على الحكومة أن تعترف بأنها غير مؤهلة لقيادة السفينة في بحرٍ أمواجه عتاية وشاطئ الأمان بعيد، بعيدٌ للغاية، وإذا تابعنا الحلول التي تعمل عليها الحكومة فإن ما يمكن وصفه بها هو أنها حلول لا تُسمن ولا تغني من الشروع بالحراك.

وبناءً على ما سبق، فإن الحكومة-وعلى ما يبدو- تريد ترحيل الأزمات للحكومات القادمة، والقادم يعمه السواد.