السفارة السورية ... ليست كالسفارة البحرينية

السفارة السورية ... ليست كالسفارة البحرينية

     قبل يومين ، منعت قوات الامن الاردنية ، بضع عشرات من المتضامنين مع الحراك الشعبي في دولة البحرين الشقيقة ، والمحتجين على ما يشاع عن مساندة امنية اردنية لحكومة القطر الشقيق ، منعتهم من الاقتراب من مبنى السفارة البحرينية في عمان ، وابعدتهم عن محيطها لمسافة مئتي متر ، وهي مسافة تفقد الاعتصام معناه ، فلن يلاحظ احد انه تجمع يخص تلك السفارة ، ولن يسمع صوت للمعتصمين من داخلها ، ولن يرتبك عملها والعاملين به ومراجعيها ، وبالتالي فان الاعتصام كأنه لم يكن ، رغم ان الاجراء الامني لم يمنع حرية التعبير كما يبدو ويبرر ، بل افقد الاعتصام اهم مقوماته ، خاصة اذا علمنا ان عدد المعتصمين بضع عشرات فقط من المواطنين ، وانه كما يبدو لن يتكرر لايام واسابيع ، ولن يطول لاكثر من ساعة او ساعتين ، وهي الزمن الافتراضي لمثل هذا التحرك ، وهو زمن كافي لأي تحرك شعبي سلمي ، الهدف منه هو ايصال رسالة احتجاج ، وليس ممارسة العنف ضد السفارة ، بهدف اغلاقها اوعرقلة عملها ، او طرد السفير مثلا .

     وبالمقابل ، شهدت السفارة السورية بعمان ، طوال شهر رمضان الماضي وما قبله ايضا ، اعتصامات بالالاف اعتقد انها في ساحة مقابلة للسفارة ، فانا لا اعرف موقع السفارة بالضبط ، حشد لها الاخوان المسلمون في الاردن ، ونظرائهم السوريين المقيمين في عمان ، وكانت تتم بشكل يومي على ما اعتقد ، وتتضمن فعاليات طويلة ، من اقامة صلاة التراويح ، وما يتخللها من دعاء ضد القيادة السورية وسفيرها بالاردن ، ثم فعاليات لاحقة تشتمل على هتافات وممارسات تجريحية مسيئة ، كما كانت تطالب باسقاط النظام في القطر الشقيق ، وطرد سفير سوريا من عمان ، دون ان نعرف مغزى ومبرر هذا الطلب الاخير ، هل كان المقصود استبدال السفير فقط ، لانه اساء للشعب الاردني او للمعتصمين ؟ ام كان ذلك خطوة يرافقها سحب السفير الاردني من دمشق ؟ توافقا مع اجراءات مشابهة ، اتخذتها بعض دول الخليج ، التي اصبحت هذه الايام ، وبشكل فجائي ، من اكبر دعاة الديمقراطية واحترام حقوق الانسان ، للشعوب الاخرى .

     اننا في الاردن ، عرفنا على الدوام بوسطيتنا واعتدالنا ، وعدم تدخلنا بشؤون الاخرين الداخلية ، فاكسبنا ذلك احترام الاشقاء ودول العالم ، لا بل كنا ضحايا في فترات سابقة للتطرف ، وعانينا من التدخل بشؤوننا الداخلية ، كما اننا الان معروفون للجميع ، باننا بناة للديمقراطية ، التي تسمح بمظاهر التعبير السلمي دون قمع ، ونحترم حقوق المواطن والانسان ، وكانت مظاهر تعبيرنا دوما مؤطرة باخلاق شعبنا النبيلة ، التي لا تسمح بالتجريح والاساءة ، ولهذا كانت بعض الهتافات ، التي انطلقت في الايام الماضية في بعض المحافظات ، والتي تجاوزت السقف الذي اعتدنا عليه ، موضع استغرابنا واستهجاننا ، وما كان يجب ان نمارس هذا التمييز الواضح ، في التعامل مع سفارتي القطرين الشقيقين ، فان كان هناك من يراهن على سقوط النظام في سوريا الشقيقة ، ويتذرع باهمية مساندة الشعب السوري ، فان الحقائق على الارض ، بعيدا عن فبركة الاعلام المشبوه ، تؤكد ان الاغلبية الساحقة من الشعب السوري مع الاصلاح السلمي ، وتنبذ العنف وتدينه ، وهولاء الذي نراهم من خلال فضائية الجزيرة ، لا يمثلون الا حارات من بعض المدن والقرى ، وما تمر به سوريا الشقيقة ، ما هو الا سحابة صيف عما قريب تنقشع ، وستنتصر ارادة الاصلاح السلمي ، الذي تنتهجه قيادة القطر الشقيق والجار .

 

مالك نصراوين

m_nasrawin@yahoo.com

06/9/2011