هل ينقلب احمد داوود اوغلو فيلسوف العثمانية الجديدة وصاحب نظرية صفر مشاكل عن حزب العدالة والتنمية؟

 هل ينقلب احمد داوود اوغلو فيلسوف العثمانية الجديدة وصاحب نظرية صفر مشاكل عن حزب العدالة والتنمية؟ ولماذا صعد انتقاداته ضد رفيق دربه اردوغان

اخبار البلد 

هناك مثل شعبي يقول ضربتين في الرأس توجع والثالثة قاتلة ، ويعتقد كثيرون ان هذا المثل ينطبق بطريقة او بأخرى على الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، بالنظر الى الحملات التي يتعرض لها داخل تركيا وخارجها خاصة من الولايات المتحدة الامريكية واسرائيل وحلفائهما العرب.

الضربة الأولى التي تلقاها الرئيس اردوغان تمثلت في خسارته وحزبه لثلاث مدن رئيسية في الانتخابات البلدية الأخيرة 31 (آذار) مارس هي إسطنبول وازمير وانقرة، وخمس بلديات كبرى في مدينة انطاليا، اما الثانية فتجسدت في خسارته لأقرب حلفائه العرب وهو الرئيس السوداني عمر البشير الذي أطاح به الانقلاب الأخير المدعوم من السعودية والامارات، ابرز خصومه، وهناك من يتكهن باحتمال خسارته لطرابس الليبية في ظل الهجمة التي يشنها الجنرال خليفة حفتر للاستيلاء عليها بدعم من الرئيس دونالد ترامب شخصيا والمثلث المصري السعودي الاماراتي.

الضربة الثالثة التي يمكن ان تكون قاتلة تتمثل في التحرك الذي يقوده حاليا الدكتور احمد داوود اوغلو الذي تولى رئاسة حزب العدالة والتنمية ورئاسة الوزراء في الفترة من 2014 الى 2017، وسط توقعات تشير الى عزمه الانشقاق من الحزب، وتشكيل حزب جديد يضم كل المنشقين او المهمشين الذين انشقوا عنه بسبب اعتراضهم على بعض سياسات الرئيس اردوغان، وابرزها تعديل الدستور وتحوّل تركيا الى النظام الجمهوري الرئاسي.

الدكتور اوغلو صاحب نظرية صفر مشاكل مع الجيران، وفيلسوف العثمانية الجديدة، والذي كان يعتبر من اكثر الشخصيات قربا من الرئيس اردوغان، خرج عن صمته يوم امس واصدر بيانا من 15 صفحة، نشره على صفحته الرسمية على الفيسبوك انتقد فيه حالة الضعف التي تفتك بحزب العدالة والتنمية، مثلما انتقد تحالفه مع الحركة القومية العنصرية، وكل عمليات التهميش لزملاء الكفاح المؤسسين للحزب في بداياته الصعبة، وساهمت في وصوله الى قمة الحكم، واستخدم الجيوش الالكترونية لتشويهها واغتيال شخصياتها، وطالب بالتخلي عن سياسات الغطرسة، واجراء عملية اصلاح جذري داخل الحزب.

صحيح ان الدكتور اوغلو لم يشر في بيانه الى أي رغبة في الانشقاق، وطالب بالإصلاح الحزبي الداخلي، ولكن يعتقد الكثير من المحللين ان بيانه الأول هذا قد يكون تمهيدا للانشقاق وتأسيس حزب جديد يضم الشخصيات المبعدة وعلى رأسهم عبد الله غل، الرئيس الأسبق، وما يعزز هذه الحقيقة ان الرئيس اردوغان رفض التجاوب مع مطلب مجموعة الحكماء بتشكيل لجنة تحقيق داخلية لتحديد أسباب اخفاق الحزب في الانتخابات البلدية الأخيرة، وفتح حوار مع الشخصيات الحزبية المبعدة والمهمشة، لمنع حدوث انشقاق داخلي، ورد بشكل حاسم بالقول ان من نزل من القطار لا يمكن ان يعود اليه ، مغلقا الباب كليا في وجه أي مصالحات او مراجعات حزبية داخلية.

الرئيس اردوغان الذي أوصلت زعامته تركيا الى المرتبة 17 على قائمة الدول الأقوى اقتصاديا في العالم، يحيط نفسه بمجموعة من المستشارين يقدم معظمهم، ولا نقول كلهم، قراءات ونصائح تتناسب مع اهوائه ورؤيته للامور، ولهذا تتزايد الضربات الموجه اليه، ولتركيا من جهات عديدة، اقواها الامريكية.

فمن سيخرج تركيا من السودان هي أمريكا، ومن سيقضي على حلفائها في طرابلس الغرب هي أمريكا، ومن يفاقم الازمة الاقتصادية هي أمريكا أيضا، ومن يطالب بوقف صفقة شراء صواريخ اس 400 الروسية او مواجهة العقوبات.. هي أمريكا أيضا، ولكن هناك البعض من المحيطين بالرئيس اردوغان لا يريد ان يرى هذه الحقائق للأسف.

ازمة الحزب الحاكم في تركيا هي التي تكمن خلف الازمة الاقتصادية، وغياب المراجعات وحوارات المصالحة ستؤدي الى تفاقهما حتما، واضعاف الرئيس اردوغان شخصيا، وسيزداد هذا الضعف اذا ما قرر احمد داوود اوغلو وحليفه عبد الله غل الانشقاق عن الحزب الحاكم، وتشكيل حزب جديد يستوعب المنتقدين لسياسات الرئيس الذين يتزايد عددهم يوما بعد يوم.

لسنا في موقع يؤهلنا تقديم النصائح للرئيس اردوغان، واقتراح بعض الخطوات التي يمكن ان تساهم في إيجاد مخارج للازمة، فاذا كان الرجل لم يقبلها من لجنة الحكماء داخل حزبه، ولا من رفاق دربه المقربين اثناء فترة الكفاح الصعبة والخطرة، فمن غير المعتقد ان يقبلها من غيرهم، حتى لو كانوا يحرصون على تركيا ووحدتها الترابية، واستقرارها الداخلي، ودورها الإقليمي كدولة إسلامية لها ثقلها الحضاري والتاريخي، ومستهدفة من مشروع التخريب والتوسع والهيمنة الامريكية الإسرائيلية.

التغيير في السياسات والاتجاهات والأشخاص هو سنة الحياة، خاصة عندما تبدأ نتائج الممارسات الخاطئة تطفو على السطح وتظهر للعيان، فهل سنرى خطوات في هذا الاتجاه قريبا؟

السؤال موجه الى الرئيس اردوغان.

راي اليوم