الأردن ومنتدیات الفرص

كانت المملكة في قلب الحدث من الناحیة الاقتصادیة في الثلث الأول من العام الحالي؛ ففي شھر شباط التأم مؤتمر مبادرة لندن 2019؛ لمناقشة التحدیات الاقتصادیة التي تواجھ الأردن، وسبل مواجھة ھذه التحدیات. وشكل المؤتمر، بحد ذاتھ، تظاھرة غیر مسبوقة، جمعت ممثلین عن عدد من الدول، والمؤسسات المانحة الدولیة والأوروبیة، وشكل مرحلة مھمة في تأكید جدیة مسیرة الإصلاح التي بدأت بھا المملكة، وعززت ثقة المؤسسات الدولیة بقدرة الأردن على مواصلة الإصلاحات الاقتصادیة. وكان من أبرز الأھداف للمؤتمر ضمان تحقیق نمو اقتصادي مستدام. وفي شھر نیسان التقى نحو 1000 من الشخصیات القیادیة: السیاسیة، والاقتصادیة، والأكادیمیة، وممثلي المجتمع المدني، والشباب المتمیزین بریادة الأعمال، ضمن أعمال (المنتدى الاقتصادي العالمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفریقیا) الذي رفع شعار (بناء نظم جدیدة للتعاون). ّ یعتبر المنتدیان دعما مھما للمملكة، یتمثل في عدة أبعاد، منھا:ان المجتمع الدولي یقدر الدور الذي لعبھ ویلعبھ الأردن في حفظ الأمن والاستقرار في المنطقة، وأنھ دولة تسعى إلى السلام في مناطق الصراع، إضافة إلى تحملھ الكثیر من الأعباء في سبیل توفیر A A A أفكار ومواقف المتطلبات الإنسانیة للاجئین السوریین، مما یؤكد ضرورة دعم المجتمع الدولي للأردن؛ تقدیرا لھذا الدور. ولیس انعقاد (المنتدى الاقتصادي العالمي) الذي اتخذ من الأردن مقراً لھ في الشرق الأوسط وشمال أفریقیا) للمرة العاشرة على الشاطئ الشرقي للبحر المیت ــ إلا دلیلاً على ما تنعم بھ المملكة من أمن واستقرار، یشكلان بیئة حاضنة للإبداع والتمیز. ولعل السؤال المھم الذي یُطرح في ھذا السیاق ھو: كیف یمكن لنا استغلال مثل ھذه المنصات الدولیة الاستغلال الأمثل؟ لقد ركز المنتدى الاقتصادي في البحر المیت على أھمیة الاستثمار في القطاع السیاحي في المملكة؛ باعتباره قطاعاً یحمل فرصاً وتوقعات كبیرة. ولكن المملكة ما تزال رغم شھرتھا كوجھة للسیاح الأوروبیین والأمیركیین ــ غیر مستغلة بالشكل الأمثل. ٍ فرغم ارتفاع عدد السیاح بنسبة مستدامة منذ نھایة العام 2016 ،بفضل البرامج التي تنفذھا ھیئة تنشیط السیاحة في الترویج للمملكة؛ ما نزال نعاني من قصر فترة إقامة السائح في البلاد. وحتى نتمكن من زیادة عدد أیام إقامة السائح في المملكة، فنحن نحتاج إلى العدید من الاستثمارات النوعیة؛ من حیث المنشآت، والمرافق السیاحیة. كما نحتاج إلى زیادة عدد الغرف الفندقیة؛ لتواكب الزیادة في أعداد السیاح القادمین إلى المملكة. ونحتاج، أیضا، إلى إنشاء مدن ترفیھیة مائیة، على سبیل المثال، سواء في منطقة البحر المیت،أو على خلیج العقبة، مع ضمان وسائل الترفیھ، وتكثیف الفعالیات الفنیة والترفیھیة التي تجذب السیاح، وتشجعھم على الإقامة لفترة أطول. إن الاستثمارات المتوقعة في ھذا القطاع السیاحي مھمة،وتحتاج إلى تمویل، وھو ما یتطلب من مؤسسات التمویل وخاصة البنوك أن تبدأ بتحضیر نفسھا؛ لتقدیم منتجات مصرفیة، تتناسب وھذه الاحتیاجات. كما أن مشروعات إعادة الإعمار كانت حاضرة في المنتدى الاقتصادي العالمي، وقد أظھرت الشركات الكبرى اھتماماً واضحاً باتخاذ الأردن مقرا لھا؛ للنفاذ إلى دول الإعمار، وذلك لأسباب عدة،منھا: استثمار قرب الأردن جغرافیا من العراق وسوریة، بالإضافة إلى قدرة القطاع الخاص الأردني وخبراتھ التي تؤھلھ؛ لیكون شریكا في ھذه المشروعات. وتوفر ھذه الحالة فرصة مھمة للبنوك؛لتكون مساھماً في تمویل ھذه المشروعات. كما تم التطرق إلى تطور العلاقات الأردنیة العراقیة، والفرص المتاحة في مجال الإنشاءات، وأعمال البنیة التحتیة، والمیاه،والطاقة، والخدمات الصحیة والتعلیمیة، واستفادة العراق من الخبرات الأردنیة المتمیزة في ھذا المجال. كل ھذه، وغیرھا، تشكل فرصاً مھمة، علینا أن ندرسھا بعنایة واھتمام؛ لنكون شركاء فاعلین فیھا، لتعود بالفائدة المضاعفة على الاقتصاد الأردني بمستواه الكلي، وعلى البنوك بالمستوى الجزئي.