لا شيء أبداً للأبد

التغيير سيطال الدول العربية كافة، وذلك تباعاً الواحدة تلو الأخرى، وأجزم أن لا قطر عربياً بمنجى من التغيير، وأنه لن يظل شكلاً مما هو قائم على ما هو عليه.. وليس بالضرورة أن يكون التغيير نحو الأفضل فقط، وإنما نحو ما هو أسوأ أيضاً، كما حصل بالعراق.
عملية التغيير الجارية استحقاق تاريخي لا مفر منه، وهي عنوان لمرحلة جديدة وعالمية، وما عاد ينفع معها بقاء القديم على قدمه.
لقد استقر شكل الأنظمة العربية على ما هو عليه بعد الحرب العالمية الثانية، وإلى جانبها استقرت أنظمة دول أوروبا الشرقية، وأخرى في آسيا على غرارها يسارياً، ومنها لاوس وفيتنام وكوريا ومنغوليا، إضافة لجمهوريات الاتحاد السوفياتي، وأيضاً أخرى مثلها في أمريكا الجنوبية وأفريقيا.
انتقال العالم إلى عصر جديد عجل في تغيير الاتحاد السوفياتي ومعه مجموعة الدول الاشتراكية والشيوعية، وقد احتاجت الشعوب العربية عشرين عاماً بعد ذلك لتدرك أن عهد حكم الفرد والحزب الواحد والعائلة قد ولى، وأن التغيير سيفرض نفسه فرضاً.
تحرك الشعوب في أوروبا الشرقية ودول أمريكا الجنوبية، وأخرى في أفريقيا وآسيا ضد الأنظمة فيها لم يواجه بالقمع العسكري والعنف، وإنما بالرضوخ له وإعلان التنحي والتخلي عن الحكم، وإثر ذلك حوكم من حوكم وأعفي من أعفي في إطار ظروف كل دولة على حدة.
ما يجري عربياً مغاير لما يجري وجرى عند الشعوب الأخرى؛ إذ الحكام هنا يعتقدون ويستمرون على أساس أنهم خلفاء بالأرض، وأنهم يحكمون بأمر من السماء، وغالباً ما يعلنون أنفسهم أئمة وأمراء مؤمنين وما إلى ذلك من ألقاب وصفات علوية، ثم يستغلون ذلك لوجوب طاعتهم طاعة عمياء، تحت طائلة العقوبة حتى الموت لمن يرفض وبعصى، وذلك على اعتبار الراعي والرعية وليس مبدأ الشعوب الحرة.
المنطقة العربية جزء من العالم لا يمكن أن تبقى منعزلة ومتفردة في أنماطها وسلوكها، ولا أن تستمر بذات الآراء حتى إن كان أداءً في فلك التبعية للسياق والمصالح الغربية.
وطالما أن حسني مبارك بات بلا لزوم له، ومثله زين العابدين والقذافي، وقبلهم صدام حسين، والحبل ما زال على الجرار، فإن الأكيد أن أحداً لن يظل على ما هو عليه حكماً وحاكماً، أما الفرص  المتاحة لبقاء أطول، فإنه يخص قلة قليلة فقط، وهؤلاء قيد التغيير لاحقاً.