ديون المقاولين... الأسباب والحلول

 


 


ديون المقاولين على وزارة الأشغال العامة تصل إلى حوالي مائة مليون دينار وقسم من هذه الديون غير مرصود في موازنة هذه الوزارة لأنها ديون مستحقة للمقاولين بعد طرح العطاءات وخلال تنفيذ المشاريع وسنوضح ذلك بالتفصيل.

عندما تطرح وزارة الأشغال العامة أحد العطاءات لتنفيذ أحد المشاريع الحكومية يتقدم عدد من المقاولين للمشاركة في هذا العطاء ثم يرسو العطاء على أحد هؤلاء المقاولين ويعطى هذا المقاول أمر المباشرة في التنفيذ من دائرة الأبنية الحكومية في وزارة الأشغال العامة والإسكان.

المقاول المذكور يبدأ بتنفيذ المشروع ليكتشف أثناء التنفيذ أن هناك نقصا في المواصفات التي أعدها مهندسو دائرة الأبنية فيكتب كتابا رسميا إلى هذه الدائرة يشرح فيه هذه النواقص وأن المشروع لا يمكن تنفيذه من دون إضافة هذه النواقص للعطاء فتقوم دائرة الأبنية بإعطاء المقاول كتابا رسميا بإضافة هذه النواقص وقد تصل كلفة هذه النواقص إلى عشرين ألف دينار أو خمسين ألف دينار أو أكثر وهذه المبالغ غير مرصودة في موازنة الوزارة في الأصل فيقوم المقاول بإكمال العمل المطلوب وبعد الإنتهاء منه يتقدم إلى الوزارة بمطالباته من أجل قبض مستحقاته المالية لكنه يفاجأ بأن المبالغ الإضافية الخاصة بالنواقص التي أضيفت إلى المشروع غير موجودة لأنها أضيفت إضافة للعطاء وهنا يبدأ ماراثون المطالبات فمن موظف إلى موظف ومن قسم إلى قسم ومن معاناة إلى معاناة وقد تستمر هذه المعاناة أحيانا لسنة أو سنتين حتى تستطيع وزارة الأشغال رصد المبلغ المطلوب في إحدى موازناتها وفي النهاية يحصل المقاول على حقوقه كاملة.

القصة لا تنتهي بقبض المقاول لمستحقاته المالية بل يبدأ ماراثون آخر من المطالبات بالفوائد وقيمتها تسعة بالمئة وهذا حق للمقاول وقد يضطر هذا المقاول أحيانا إلى اللجوء للمحكمة لتحصيل هذه الفوائد وتنجح دعوته لأن القانون يعطيه هذا الحق.

والسؤال المهم الذي نسأله هو: لماذا لا تدقق العطاءات الحكومية بشكل جيد من قبل دائرة الأبنية في وزارة الأشغال العامة والإسكان قبل طرحها؟. ولماذا لا تكون هناك لجنة من كبار مهندسي هذه الدائرة تقوم بمراجعة جميع العطاءات قبل طرحها حتى تكتشف النواقص التي غفل عنها المهندسون الذين وضعوا مواصفات العطاء؟. وأخيرا وليس آخرا لماذا يعطى المقاول فائدة تسعة بالمئة علما بأن جميع البنوك لا تعطي فائدة أكثر من أربعة بالمئة في أفضل الأحوال وهذه الفائدة البالغة تسعة بالمئة تقررت عندما كانت الفوائد البنكية بهذه الحدود أم أن القديم يبقى على قدمه إلى ما شاء الله؟.

يجب إعادة النظر بالعطاءات الحكومية وتدقيق هذه العطاءات قبل طرحها فكم من عطاء سحب وألغي بعد طرحه لأنه أكتشف أن هناك أخطاءً في هذا العطاء وكم من إشكالات حدثت بين بعض المقاولين وبين دائرة الأبنية الحكومية بسبب الأخطاء الفنية في العطاءات.

بعض المقاولين الذين لديهم سيولة مالية يفضلون أن تبقى ديونهم على وزارة الأشغال العامة لأطول فترة ممكنة حتى يتقاضوا الفائدة البالغة تسعة بالمئة والتي لا يمكن أن يحصلوا عليها إلا من وزارة الأشغال العامة والإسكان.

نتمنى على وزير الأشغال العامة أن يشكل لجنة لإعادة تقييم العمل في دائرة الأبنية الحكومية في وزارته.



nazeehgoussous@hotmail.com