السودان: هل «انتصَرت» الانتفاضَة؟

ما كان قید الاشاعات والتسریبات، بات ِ واضحاَ الآن ویُنذر بالمزید من الغموض والاحتمالات المفتوحة, على سلسلة من «الانقلابات» الصغیرة وربما الكبیرة، الى ِعدَ بعضھا بالتعاون مع رموز حقبة ُ ان تنتھي فشلاً او نجاحاً السیناریوھات التي أ القھر والإستبداد, التي ّ أسس لھا وقادھا عمر البشیر، وبعضھا الآخر واظبَت السفارات الأجنبیة (وبعض العربیة) بأجھزتھا الاستخباریة, الإعداد لھ وانتظار اللحظة المناسبة ّ لتظ ِھیره ومفاجأة الجمیع بوجوه جدیدة، معظمھا عسكري ُ مطعّم ببیادق مدنیة, حتى لا تبدو الأمور وكأنھا انقلاب قصر أو إعادة إنتاج لنظام .إسلاموي بائد، لم یأت للسودان والسودانیین سوى بالخراب والفاقَة انقسام في الجیش السوداني لم یستطع الجنرال بن عوف في بیانھ ِ «الباھت» الذي انتظره السودانیون والعالم ساعات ّي على السلطة بین القیادات العسكریة العُلیا، صراع یبدو طویلة من الترقّب، في إخفاء تلك الحقیقة والصراع َ الخِف وكأنھ ُ ح ِسم لصالح «تیار» آخر في المؤسسة العسكریة، «انقلب على الانقلاب» الذي قاده بن عوف بالتنسیق مع مؤیدي البشیر، لم یلبث الذین تربّصوا بھم أن أجبروھم على الاستقالة والتواري عن المشھد تحت طائلة َ المواجھة ِ المباشرة بالنیران، وھو ما دفع بجنرال آخر الى البروز وھو الجنرال عبدالفتاح البرھان, الذي وإن لقي تعیینھ قبولاً لدى المعتصمین، إلاّ انھ وفي الوقت نفسھ والذي اعتبر فیھ ّ «تجمع المھنیین» ُ الم ِ تصدّر واجھة الاحداث كقائد للحراك ُ الم ّ حتجین الى َ مواصلة اعتصامھم أمام ّ مقر الجیش الجماھیري والنقابي، فإنھ دفع بھ الى إبداء المزید من الحذر, داعیاً .حتى إشعار آخر لم تُ ِجد نفعاً كل المحاولات التي بذلھا الجنرال عمر زین العابدین رئیس اللجنة السیاسیة الأمنیة في المجلس العسكري الإنتقالي, ِ ل ّ بثِ بعض التطمینات لدى الجمھور السوداني الغاضب, في ثني المحتجین عن مطالبھم ولا حتى الرضوخ لقرار حظر التجوال الذي اتخذه المجلس العسكري، ما أوقع الأخیر وقادتھ في ارتباك، أسفر ضمن أمور اخرى، الى ع بنیان ھذا المجلس, عبر «الإعتذارات» غیر المسبوقة في المؤسسات العسكریة عن عضویة المجلس، التعجیل بتصدُّ ِعدَّت في الخفاء، َ استعجل «طبّاخوھا» تقدیمھا للجمھور قبل ُ الأمر الذي كشف بل زاد الشكوك بأن «طبخة» ما قد أ ِ نضوجھا، وھو الذي تجلّى لاحقاً في سلسلة من التراجعات غیر المنتظمة وغیر المحسوبة, والتي عكستھا تصریحات وتسریبات ِ متضاربة، أفضت في النھایة وبعد یوم واحد فقط الى استقالة الفریق بن عوف، ِ تاركاً مقعده لجنرال آخر، قیل «حتى الآن» أنھ غیر محسوب تماماً على الدائرة الضیقة التي اصطفاھا الدیكتاتور المخلوع, عندما أعلن حال ّ الطوارئ وأعاد تشكیل قیادات الصف الاول في محاولة لاجھاض الانتفاضة الشعبیة، ما دعا تجمع المھنیین السودانیین على مقاومة الطوارئ وحظر التجول َ ُ خرى»، م ِص ّراً ُ بّعة ووضعوا أ .لوصف ما حدث، بأنھم «خلَعوا قُ الى أین من ھنا؟ محمد خروب من الحكمة عدم التقلیل من شأن ّ التدخلات الخارجیة وخصوصاً الاقلیمیة, التي تسعى لـ «الاستثمار» في الأزمة السودانیة ُ الم ِ تدحرجة، وبخاصة في المؤسسة العسكریة, التي تبدو ھي الأخرى في حال انقسام آخذ في التبلّور. تماماً كما ھي حال َ المعارضة ِ المنقسمة وفاقدة التأثیر، حیث قدرتھا على مواجھة ما یُ ّ حضره «العسكریون» بارتباطاتھم الخارجیة, تبدو ِ متواضعة. رغم الشجاعة التي أبدتھا الجماھیر في َ مواجھة نظام الاستبداد والطغیان, الذي لم ینھر حتى .الآن