معان لا تقبل بالعفو عن ابنائها دون الاخرين

اخبار البلد _لم تثر مدينة معان في يوم من الايام لمطالب ابنائها فقط على الرغم من انها من المحافظات الاكثر فقرا و اقل تنمية ، فعندما اطلقت هبة نيسان في عام 1989 تقدمت بمطالب كل مدن الوطن و استفاد من تلك الهبه كل الشعب الاردني قبل التفاف السلطات الرسمية على هذه الهبه قبيل معاهدة وادي عربة ، و عندما انتفضت معان على ما يجري في افغانستان و العراق( و عوقبت على ذلك عقابا شديدا )انتفضت من اجل كرامة الامة و لم تنتفض لاجل ابنائها هناك ،وعندما ثارت على الاعتداء الصهيوني على غزة و قبلها على لبنان وقفت موقف ديني و قومي تجاه قضايا الامة و لم تقف من اجل مصالحها الذاتية ، حتى سجنائها (اللذين تم العفو عنهم مساء يوم العيد) و على راسهم ابو سياف و اثناء احداث السجون الشهيرة في الاردن في عام 2008 كانوا يفاوضون لحماية كل السجناء و يتذكر نواب المعارضه كيف كان ابو سياف من داخل سجن قفقفا يسعى لتهدئة الاوضاع و حماية كل السجناء و ليس سجناء معان فقط

و اليوم و انا اشعر بما يعيشه اهل معان الابية من الفرح بسبب الافراج عن ابنائهم ليلة العيد بعفو خاص استدراكا لعدم ادراج تهمهم ضمن العفو العام (و ما منعني من مشاركتهم في هذه الفرحة سوى استقبالي لاقاربي و اصدقائي بمناسبة مرور العيد الاول على وفاة والدتي رحمها الله حسب العادات الاجتماعية المتبعة)اطالب ان يعم السرور بين اهالي و ذوي السجناء و المحكومين و الموقوفين( زملاء سجناء معان المفرج عنهم )على خلفية قضايا سياسيه، حيث صدر العفو العام و شمل المجرمين و السارقين و تجاوز عن السجناء و الموقوفين على خلفية قضايا سياسية ،مثل قضية سجناء معان التي تم استدراكها بالعفو الخاص ليلة العيد، أما قضية البطل احمد الدقامسه و الذي تطالب جميع القوى الوطنية في نشاطاتها و مهرجاناتها و بياناتها و مسيراتها بالافراج عنه فلم تستدرك بالعفو الخاص ،و كذلك الموقوفين على خلفية قضية اعتصام الزرقاء بعد تحول التيار السلفي الذي يقودههم الى الاقتناع باستعمال الوسائل السلمية للاعتراض على النظام، و كذلك سجناء قضايا التنظيمات الذين حكم معظمهم جراء مشاركتهم في عمليات جهاديه في العراق و افغانستان او قاموا بنقل السلاح الى المقاومة الفلسطينية في فلسطين, على ان يستثنى من العفو الخاص من تسبب بقتل او جرح اي مواطن اردني شريطة ان يتاح لهؤلاء فرصة اعادة محاكمتهم امام محكمة مدنية و هم بالمناسبه قلة (مثل الكربولي الذي ذكر محاموه بانه اختطف من فندق في لبنان و ليس كما ورد في لائحة الاتهام بانه سلم عند الحدود الاردنية العراقية مع ملاحظة عدم استجابة النيابة اثناء محاكمته لطلب الدفاع بعرض جواز سفره لبيان كيفية ادخاله للبلاد ) حيث ان هنالك شبه اجماع في اوساط الحقوقيين على تاييد ما ورد في التقارير الحقوقية العالمية و المحلية حول عدم انطباق اسس المحاكمة العادلة على محكمة امن الدولة التي نظرت بهذه القضايا .

لقد مرت فترة على البلاد كانت تحال فيها قضايا التنظيمات المسلحة الى محكمة امن الدولة باعداد ملحوظة، و نظرا لحجم الشكاوي المتكررة التي ابداها المحكومين اثناء محاكمتهم حول التعذيب الشديد الذي تعرضوا له اثناء فترة التحقيق معهم و اخذ افادتهم تحت التهديد و الوعيد، و عدم اطمئنان التقارير الحقوقية الى قانونية الإجراءات المتخذة في التحقيق المقدم إلى محكمة امن الدولة ، فضلا عن آراء فقهاء القانون الدستوري بعدم دستورية هذه المحكمة ابتداء ،اصبح بعض المواطنين لا يصدقون تفاصيل هذه القضايا ويعتقدون بانها( او جزء منها) من تاليف الاجهزة الامنية، و ذلك لتعظم هذه الاجهزة دورها في اتخاذ القرار في البلاد بالاضافة الى الاستفادة من المعونات المالية واللوجستيه السخيه التي تصلها من الخارج تحت عنوان محاربه الارهاب و هي اموال لا تظهر في موازنة الدولة و بالتالي لا تدخل الخزينة و لا يراقب مجلس النواب كيفية التصرف بها.

لقد اصبح بعض المواطنين لا يصدقون التفاصيل التحقيقية المعلنة لقضايا التنظيمات ، حيث عايشت بمحض الصدفه قضية تفجيرات فنادق عمان في عام2005 لكون المحكومة الرئيسية في هذه القضية (ساجدة ) استاجرت منزل قريب لي، و كنت عندما استمع لروايات الزملاء و الاصدقاء اللذين يطرحون رواية تخالف و تكذب رواية الاجهزة الامنية المعلنة انذاك و التي عايشت بعض تفاصيلها كنت اتفاجا بهبوط مصداقية بعض الاجهزة لدى المواطنين .

سيشعر الاهالي والعشائر و ابناء المدن و القرى اللذين ما زال ابنائهم مسجونين على خلفية نفس القضايا التي حوكم على خلفيتها سجناء معان المعفى عنهم، بان هناك تمييز حكومي بين مناطق و مدن و قرى و عشائر و عائلات الاردن، و هو موقف ثبت من خلال كل مواقف معان الابيه السابقة التي ذكرت البعض منها في مقدمة مقالي بانها لا تقبله من الحكومة و لا يقبله عشائرها و لا ابنائها، ولا يقبله الشعب الاردني، و لا تقبله دوله ينص دستورها على المساواة بين ابنائها

لقد لمست من خلال نشاطي في مجال حقوق الانسان حجم المعاناة التي يتجشمها المهندس محمد حجازي بخصوص ابنائه ( رائد و سائد) المحكومين بالاعدام( و تم تنزيل احكامهما الى مؤبد و من ثم الى عشرين سنة مؤقته )و المحاولات العديده من قبل هذا المهندس الكبير السن و المريض للسعي للافراج عن ابنائه ،و كم رايت من كبرياء بعيون الدكتور يوسف صيام الذي امضى اكثر من اربعين عاما مدرسا قديرا في الجامعة الاردنية خرّج كبار المهندسين الاردنيين و منهم مسؤولين في الدولة و شارك في تاسيس المركز الجغرافي الملكي و عمل مع شخصية ادبية مرموقة على تاليف كتاب حول تاريخ الاردن الحديث وهو لا يستطيع اجابة طفلي ابنه المحكوم بالمؤبد مصطفى ( على خلفية مشاركته في القتال في العراق بعد ان تم تسليمه من قبل سلطات الاحتلال الامريكي الى السلطات الاردنيه ) عن سبب عدم العفو عن ابيهما ، و الدكتور يوسف يعد من المبرزين في مجال تخصصه (المساحة ) و الف العديد من الكتب في هذا المجال و يتردد اي مسؤول قبل ان يرفض طلبه في حال قيامه بالمطالبه بالافراج عن ابنه، و كم اشعر بمعاناة والد المهندس اسامة ابو هزيم الذي يمضي حكمه في سجن سواقة و هو يتابع دراسته للماجستير من هناك، و غيرهم و غيرهم من اهالي السجناء على خلفية قضايا سياسية

هذه دعوة صادقه للحكومة و للجنة الوزارية المسؤولة الان عن اصدار قوائم العفو الخاص لتجاوز توصية الاجهزة الامنية بعدم العفو عن السجناء المحكومين او الموقوفين على خلفية قضايا سياسية ،فنحن في بلد تبيض فيه السجون ضمن الارادة الرسمية اعتمادا على سياسة فتح صفحة جديدة في التعامل مع المواطنين مما يريح المواطنين و يخفف احتقانهم و يهديء من روعهم و هذه سياسة حكيمة في بلدنا اتباعنا لها في الماضي جعل شعبنا لا يصل الى فتح السجون عنوه لاخراج ابنائهم بغير ارادة السلطات الرسميه كما حصل في سجن بو سليم الليبي و ليمان طره المصري و القفصة التونسي وغيرها من السجون العربية.