أين (الامن الغذائي) من الخروف الاثيوبي.!
الخراف الاثيوبية منذ استيراد اول دفعة منها خلال الاونة الاخيرة وهي تثير اهتماما اردنيا ملحوظا على المستويين الرسمي والشعبي, لم تحظ به اية اغنام حية او لحوم يجري استيرادها من سبع عشرة دولة منتشرة في مختلف انحاء العالم , والسبب في ذلك كما يتردد انها تتميز بجودة عالية قياسا على غيرها , والاهم انها تشبه اللحوم البلدية شكلا وطعما وفي كل شيء الى الدرجة التي جعلت بعض المستوردين يلجاون الى تسويقها على انها من ذات "الختم الاخضر" الشهير اذا ما تم ذبحها خارج المسالخ المرخصة, وهذا ما تتشدد وزارة الزراعة في اجراءاته على نحو غير معهود لمنع محاولات التحايل في هذا الشأن.!
التلاعب ربما يكون موجودا والنية متوفرة على الاستمرار فيه من قبل مستوردي الخروف الاثيوبي, على الرغم من فرض وزارة الزراعة مبلغ ثلاثين دينارا كتأمين عن كل رأس حتى يتم ذبحه في المسالخ المرخصة, ولعل اكبر دليل على ذلك ان الكمية التي تم استيرادها هي سبعة الاف وثمانمائة رأس لم يذبح منها لغاية الان ما يصل الى الالفين, مع ان استهلاك اللحوم يكون قياسيا خلال شهر رمضان, مما يعني ان البعض ما يزال يتحين الفرصة من اجل بيعها على انها لحوم بلدية يصل سعر الكيلوغرام الواحد منها الى ما يزيد على احد عشر دينارا اي ضعف سعرها الطبيعي.!
لم يقف الامر عند هذا الحد بل ان هناك اتهامات بان مستوردي اللحوم الآخرين من استراليا ورومانيا ونيوزيلندا والسودان وبلغاريا والهند والصين وغيرها من دول اخرى, قد يكونون وراء الاشاعات المنتشرة عن عدم سلامة الخراف الاثيوبية التي وصلت الى البلاد واحتمالية اصابتها بالحمى القلاعية وامراض حيوانية اخرى, وكرد فعل على ذلك لم تجد مديرية البيطرة في وزارة الزراعة بدا من التأكيد على ان الاغنام التي تم استيرادها من اثيوبيا مؤخرا, تمت اجازتها من خلال تقرير طبي موقع من اطباء اردنيين ومهندسين زراعيين وانها خالية نهائيا من اية امراض حيوانية بنسبة مائة بالمائة, لانه تم حجرها في دول المنشأ لمدة شهر كامل, بالاضافة الى وضعها في محجر اردني لمدة شهر آخر لمزيد من السلامة.!
يبدو ان الاشكاليات ستتواصل امام استيراد وتسويق الخروف الاثيوبي ما دام مشابها للبلدي الذي بات في العلالي منذ زمن بعيد, الا اذا ما تولت استيراده جهة موثوقة تضع المصلحة العامة فوق كل اعتبار, وهذا ما جعل وزير الزراعة يطلب صراحة بان يتم ذلك عن طريق الشركة الوطنية للامن الغذائي التي تأسست بمشاركة بين القوات المسلحة الاردنية والقطاع الخاص, وعلى الرغم من انها تعمل على اسس تجارية ولا تتلقى اي دعم في عملياتها التسويقية, الا انها تواجه حملة ظالمة من قبل كبار تجار ومستوردي المواد الغذائية لكف يدها عن العمل, بعد ان اثبتت قدرتها على السيطرة على اسعار المواد الاساسية اذا ما تم اطلاق يدها في الغاية الرئيسية التي كانت وراء انشائها.!
لا ندري لمصلحة من جرى تحجيم قدرة الشركة الوطنية للامن الغذائي على الدخول في سوق اللحوم من اوسع ابوابه, وهي التي فرضت اسعارا عادلة على الاضاحي خلال السنوات الماضية لانها كانت تستوردها مباشرة وتطرحها بارباح معقولة, الا ان عوامل خفية حالت دون استمرارها في تجارة اللحوم المستوردة, ولعلها تعود هذه المرة عن طريق الخراف الاثيوبية لضبط سوقها من التجاوزات ايا كان نوعها, بعد ان نسبت وزارة الزراعة الى رئاسة الوزراء باستيرادها لمئة الف منها حتى تصل الى المستهلكين على انها اثيوبية وليست بتسعيرة بلدية.. لعل وعسى.!