صمود فلسطين ورافعتها الأردنية

صمود فلسطين ورافعتها الأردنية
حمادة فراعنة
ما الذي يجعل الأردن، الضعيف الفقير المديون، يقف قوياً ضد العدو الإسرائيلي المتفوق وبما يتعارض مع سياسات إدارة ترامب الأميركية الأكثر انحيازاً لأطماع المستعمرة الإسرائيلية التوسعية ؟.
ثلاث أوراق يملكها الأردن تجعله في الموقف القوي المتماسك في مواجهة التحالف الإسرائيلي الأميركي الأكثر قوة ونفوذاً :
وأول الأوراق هو صمود الفلسطينيين وبسالتهم وتمسكهم بوطنهم وقدسهم وقداسة مسجدهم وكنيستهم، وقد وضح ذلك في المعارك النوعية الأربعة التي خاضوها وانتصروا فيها وأولها حينما أرغموا نتنياهو على إزالة البوابات الإلكترونية والجسور الحديدية والكاميرات الذكية على مداخل المسجد الاقصى وبواباته وحرمه في شهر تموز 2017، وثانيها حينما أرغموا نتنياهو على تجميد قرار فرض الضرائب على ممتلكات الكنائس المسيحية وإغلاق كنيسة القيامة يوم 14 شباط 2018، والمعركة الثالثة حينما أرغموا نتنياهو على تجميد قرار إزالة قرية الخان الأحمر يوم 16/10/2018، وأخيراً حينما أرغموا نتنياهو على الرضوخ لإرادة مجلس إدارة الأوقاف الإسلامية وأهل القدس بفتح مُصلى باب الرحمة، مما يدلل على صلابة الموقف الفلسطيني لحماية الأقصى والحفاظ عليه ورفض أي مشاريع أو برامج أو مخططات للاستيلاء أو سرقة أو احتلال أي جزء منه، وقد تم ذلك برافعة أردنية، ودعم قوي يقترب من صلابة الموقف الفلسطيني ويدعمه، مما أدى إلى تكامل الدورين الفلسطيني والأردني وتكاملهما على قاعدة التفاهم والشراكة وفق اتفاق الوصاية والرعاية الهاشمية للمسجد الأقصى وكنيسة القيامة وسائر المقدسات الإسلامية والمسيحية الموقع بين رأس الدولة جلالة الملك والرئيس الفلسطيني محمود عباس يوم 30 أذار 2013، وما أتبعه قرار إعادة تشكيل وتوسيع مجلس الأوقاف الإسلامية برئاسة الشيخ عبد العظيم سلهب، يوم 14 شباط 2019، بقرار أردني فلسطيني مشترك .
وثاني الأوراق التي يملكها الأردن في مواجهة سياسات المستعمرة الإسرائيلية هو مكانة جلالة الملك على المستوى الدولي، وهي ورقة قوية أساسها الحكمة والوضوح والشجاعة، والقدرة على توصيل الموقف القائم على عدالة المطالب وشرعيتها، ويتم ذلك في أوروبا الأكثر تفهماً وتقديراً للموقف الأردني الذي يُعبر عنه رأس الدولة الأردنية، أو لدى الولايات المتحدة التي تتعامل مؤسساتها التنفيذية والتشريعية بمجلسيها النواب والشيوخ، والأمنية والعسكرية باحترام يستحقه، مما يوفر حالة من التفهم والتقدير الأميركي رغم نفوذ اللوبي الصهيوني اليهودي الإسرائيلي .
أما ثالث الأوراق فهو التماسك الداخلي والوحدة الوطنية والالتفاف حول قرار رأس الدولة في التصدي للسياسات الاسرائيلية الاميركية التي تحول دون التسلل من أطراف خارجية تسعى أو تحاول زعزعة أمننا الوطني، ونلحظ بوضوح تماسك وتفاهم المكونات الأربعة للدولة الأردنية : الملك مع الحكومة مع البرلمان مع الشارع بشأن القدس وفلسطين.
أوراقنا الثلاثة تجعلنا في موقف قوي متماسك يستند إلى الحق والعدالة وقرارات الشرعية الدولية والأمم المتحدة، وثمة ورقة أخرى لا نرغبها ولا تحظى بموافقة الأردنيين وقبولهم وهي معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية التي تشكل سلاحاً بيد صاحب القرار للمساومة عليها، رداً على محاولات العدو الإسرائيلي لاختراق التفاهمات كما حصل عام 1999 حينما جرت محاولة اغتيال خالد مشعل رئيس حركة حماس في عمان، وفرض الراحل الملك حسين معالجة مشعل مقابل معاهدة السلام، وهذا ما تم، وهذا ما يحصل هذه الأيام في محاولات المساس بالمسجد الأقصى والتطاول على قدسيته كمسجد للمسلمين، كما هي الكنيسة للمسيحيين، والكنيس لليهود، والخلوة للدروز .
خطوات نتنياهو لضم القدس والجولان سيعقبها خطوة ضم مستعمرات الضفة الفلسطينية والغور، مما يؤكد أن برنامجه الاستعماري التوسعي متواصل، وأن الصراع بين المشروعين الوطني الديمقراطي الفلسطيني في مواجهة المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي، متواصل، وليس لنا خيار سوى أن نكون في الخندق الفلسطيني في مواجهة المستعمرة الإسرائيلية.
h.faraneh@yahoo.com