|
من حق اي حزب ان يبدي رؤيته و رؤياه في الحراك الدائر على المدى الوطني الاردني ، و لا خير في حزب يقف متفرجا او مستقبلا لما يأتي اليه دون موقف واضح ورؤيا مقابلة ، و هذا ما قدمه حزب جبهة العمل الاسلامي في موقفه الاخير من التعديلات الدستورية .
كما ليس من حق اي حزب ان يلبس رؤيته ثوب كل الشعب او ان يتحدث نيابة عن الشعب ، فهو من حقه ان يتحدث عن اعضائه و انصاره و من يؤيدون موقفه و هم بالضرورة ليسوا كل الشعب , و لا احمل وزر اثم الظن ان ظننت ان حزب جبهة العمل الاسلامي قد وقع في هذا وهو يقدم رؤيته الخاصة بالتعديلات الدستورية خاصة وانه تحدث بخطاب استعلائي معلنا ان التعديلات « لم تستجب لمطالب الشعب الاردني و تطلعاته» و ان «الحكومة اضاعت فرصة تقديم تعديلات جوهرية في بنية النظام السياسي تجعل الشعب -بحق- مصدر السلطات « .
و هذا موقف حزبي و ليس شعبيا و بالتالي هو حق للحزب لا يجوز حجره او التقليل من اهميته ، فرؤية الحزب تضمنت ضرورة اجراء تعديلات على التعديلات تكفل بيئة امنة لحياة سياسية مستقرة كما ان بعضها لا يعبر عن تطلعات و امال الشعب على الاقل في هذا الوقت و هذه الظرف فصلاحيات الملك ما زالت عند كثيرين من الشعب الاردني ضمانة وانتخاب الاعيان مسألة لم يأت اوانها في ظل هشاشة البناء الحزبي وضعف البيئة الحاضنة للسياسة والتشريع بل ان الاعيان سيكون صورة مكرورة لمجلس النواب .
رؤية الحزب ابتدأت صحيحة قبل ان تنتقل الى خانة الحديث عن الشعب و تمثيله و تحقيق تطلعاته حين اعلنت في صدر بيانها بانها ترفض مخرجات لجنة الحوار الوطني فيما يتعلق بالنظام الانتخابي , و ستبقى الحركة على موقفها الرافض حتى يستجاب لمطالبها و ذلك بالتنسيق مع القوى الوطنية المؤمنة بضرورة الاصلاح حسب القياس الحزبي نفسه , اي ان الرفض نابع من موقف الحزب ذاته وحساباته السياسية وتعداد مقاعده المقبلة ان شارك وفق الالية الانتخابية التي اقترحتها لجنة الحوار الوطني .
كل ذلك في اطار المفهوم السياسي والمسموح السياسي والاجتماعي والدستوري , فمن حق اي حزب ان يحاول جذب النار الى قرصه وتحقيق مكاسب في موسم حراك شعبي غير محدد البوصلة والخطوات رغم اجماعه على الهدف النهائي , الاصلاح السياسي ومحاربة الفساد وإجتثاث بؤره .
اما غير المسموح فهو إلباس المطالب الحزبية والمصالح السياسية لهذا الحزب ثوب الشعب كله , والحديث بلغة يقينية عن اهليته لتمثيل كل الناس على الثرى الاردني ولولا مهابة لقال الحزب انه يحمل توكيلا من الشعب على غرار توكيل سعد زغلول في مصر , رغم ان الحراك الشارعي يظهر انحسار التأييد الشعبي لهذا الحزب وتنامي قوى سياسية جديدة لها حضور لافت في الشارع الشعبي يوازي قوة الحزب الاسلامي خاصة في المحافظات وفي مناطق نفوذ تقليدية في العاصمة عمان .
كذلك مارس الحزب تذاكيه المعتاد والذي بات مكشوفا للجميع بأنه لا يعلق مشاركته على تنفيذ المطلوب – على افتراض تحقيق مطالبه – بل على العكس هو يقول ما نصه في بيانه « في ضوء الاستجابة لهذه المطالب الضرورية ، التي لا تحتمل التأجيل، يتحدد موقف الحركة الإسلامية من المشاركة السياسية « , اي ان على الدولة ان تستجيب اولا ثم يقول الاسلاميون كلمتهم , فأي منطق سياسي هذا الذي يطرحه الحزب الذي يعتب ويهاجم ويمنح الصكوك او يوجه التهم لكل من يقول بأنه ينتظر رياح الاقليم ويضبط ساعته ومواقفه على المواقيت الخارجية وليس على التوقيت الوطني الاردني ؟
omarkallab@yahoo.com
|