خبير: غياب العلاقة بين هيئات الرقابة يحد من انتشار مؤسسات التمويل الإسلامي
أكد باحث اقتصادي إسلامي متخصص أن غياب صيغ محددة للعلاقة التنظيمية بين أجهزة الرقابة على القطاع المالي ونقص الأطر التشريعية يحدان من انتشار مؤسسات التمويل الإسلامي.
وأشار الأستاذ الدكتور فؤاد بسيسو في بحث تحت عنوان "عالمية النظام الاقتصادي الإسلامي ومحددات نفاذه بديلا عن النظام الرأسمالي في ضوء دروس الأزمات الاقتصادية العالمية"، إلى مجموعة من التحديات التي تواجه ترسيخ البنيان الاقتصادي والمالي والمصرفي الإسلامي في العالم الإسلامي وفي تطبيقاته الجارية على مستوى العالم.
واعتبر بسيسو أن هنالك مجموعة من العوامل التي تقف حائلا أمام تسارع معدل انتشار واعتراف الدوائر السياسية والاقتصادية العالمية بأنه يجب أن يشكل جزءا رئيسيا من النظام الاقتصادي الدولي في أطره المؤسسية والقانونية والفنية المفاهيمية. ولكن الدعوات المنتشرة حاليا وانتشار مؤسسات الصيرفة والتأمين وشركات التمويل الإسلامية تشير إلى القناعة بتوفر الفرصة للاستفادة من تطبيق المفاهيم المصرفية والمالية الإسلامية التي أثبتت جدواها في التطبيق وفي مواجهة الأزمات الاقتصادية والمالية.
وقال بسيسو "تشكل سلامة الأسس التي يقوم عليها البنيان الاقتصادي الإسلامي بفروعه المالية والمصرفية البذرة الصالحة للإثمار على مستوى النظام الاقتصادي الدولي بشكل تدريجي، وذلك استنادا لنتائج التحليلات السابقة التي أجريت حول حصاد النظام الرأسمالي في ضوء الأزمات الاقتصادية الدورية التي ضربت عالمنا المعاصر في ظله، بالإضافة إلى التحليلات المتعلقة بأداء النظام الاقتصادي الإسلامي التطبيقي، خصوصا فيما يتعلق بقطاعه المصرفي الإسلامي".
ورهن بسيسو نفاذ النظام المصرفي والمالي الإسلامي في هيكلية النظام المالي والمصرفي الدولي بمتابعة الجهود الرامية إلى ترسيخ هذه التجربة المعاصرة والتي لم يمض على الشروع فيها أكثر من نصف قرن. واستكمال المقومات والشروط والمعايير كافة التي سبقت الإشارة إليها ووفق إرادة سياسية على مستوى العالم الإسلامي تفرض قوتها وحضورها على المستوى الدولي وتنعكس في دعم الأجهزة المنظمة والمشرفة والمراقبة على القطاع المالي في الدول الإسلامية. كما يتطلب ذلك توفير الحاكمية الرشيدة في القطاع المالي الإسلامي المستفيدة من التجربة المالية والمصرفية العالمية وفي تطبيقاتها بعد تكييفها لتتناسب ومتطلبات ومعايير الشريعة الإسلامية الغراء. ولكون النظام الإسلامي وتصوراته يشكلان كلا متكاملا ومترابطا في القاعدة العقائدية التي ينطلق منها في العبادات والمعاملات، فإن تحول النظام المالي والاقتصادي الإسلامي إلى نظام عالمي مرهون بعملية التكامل المشار إليها مما يكسبها وحدة التوجه والمسار والانطلاق بعيدا عن الازدواجية القائمة في النظام الاقتصادي والمالي القائم حاليا في العالم الإسلامي.
سبقت الإشارة إلى هذه التحديات التي تشكل دعوة لمتابعة تدعيم واستمرارية تطوير الأنشطة الإسلامية الاقتصادية والمالية في الإطار الجغرافي الإسلامي أولا والعالمي ثانيا، خصوصا ما يتعلق ببناء قاعدة التطوير المستمر لأدوات التوظيف المالي والاستثماري الإسلامي وترسيخ البنيان المؤسسي للصيرفة الإسلامية وخلق قاعدة بشرية وتكنولوجية متقدمة ترفد العمل الاقتصادي الإسلامي بفروعه كافة باحتياجاته الأساسية.
ومن التحديات التي يتطرق لها بسيسو "عدم استكمال جزء مهم من القاعدة الممثلة للأطر المؤسسية الحاكمة والمنظمة للنشاط المالي الإسلامي، وكذلك عدم وجود الأسواق المالية والنقدية ذات البناء المتكامل. فالحاجة ما تزال قائمة إلى إقامة بورصة إسلامية عالمية للأوراق المالية الإسلامية. ورغم وجود نواة لسوق مالي إسلامي في ماليزيا وتوجهات لتحويل سوق دبي المالي إلى سوق مالي إسلامي، فما تزال الحاجة قائمة لاستكمال جهود بناء السوق المالي الإسلامي في نطاق العالم الإسلامي وعلى المستوى الدولي".
وتابع قائلا "لم تتبلور بعد صيغة محددة للعلاقة التنظيمية والرقابية بين أجهزة الرقابة على القطاع المالي (البنوك المركزية، هيئات الرقابة الإسلامية، المال وهيئات الرقابة على التأمين) ومؤسسات القطاع المالي، وقد أشير إلى ملاحظة مهمة تتعلق بمدى قناعة هذه الأجهزة بالحاجة إلى ذلك استنادا لضعف قناعاتها الذاتية بجدوى الاقتصاد والنشاط المالي الإسلامي والحاجة إلى دعم عملية انتشاره. لكن يمكن الإشارة في الوقت نفسه إلى توفر جهود أولية لاستكمال الأطر التشريعية والتنظيمية والرقابية على البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية".