الجزائر: بعد «التنَحّي».. قبلَ «الفوضى»

كان لصفحة الرئیس عبدالعزیز بوتفلیقة أن تُطوى, سواء ّ عجلت ّ المؤسسة العسكریّة بذلك بعد أن تناھى إلیھا أن رجل الاستخبارات القوي (السابق) الفریق «محمد مدین»، قد تمت الاستعانة بھ لایجاد سیناریو یحول دون خروج بطانة بوتفلیقة من المشھد دون ضمانات, أم بعد عدول «المجاھد» عن ّ ترشحھ وتسریب خبر َ بمغادرتِھ قصر المرادیة قبل الثامن والعشرین من الجاري, بانتھاء عھدتھ الرابعة. وربما كان القدر سیسبِق الاحتمالین السابقین, وبالتالي كانت الجنازة المھیبة التي ستُرتب لھ كفیلة بحفظ مكانتھ ودوره في جزائر ما بعد العشریة السوداء, التي َ أسھم في إطفاء نیرانھا وأعاد الأمن والاستقرار للبلاد. وإن كان یُ َؤخذ علیھ رغم ذكائھ ِ وحنكتھ السیاسیة والدبلوماسیة, أنھ ّ قرب أصحاب الولاء والمصالح والفاسدین على أصحاب الكفاءة, ولم ینجح وبخاصة بعد مرضھ في التخلّص منھم بل بات أسیراً لدیھم. وربما – وھذا ما ِ ستكشفھ الأیام رغم التسریبات العدیدة والأوصاف, التي تُطلَق على تلك البطانة كـ «العصابة» كما جاء في بیان رئیس الأركان الأخیر والحاسم, الذي كان مثابة إنذار نھائي – نقول: ربما ُھم من كان .یُدیر الجزائر خلال العھدة الرابعة, اشتدّ المرض على بوتفلیقة أیّاً كانت الملابسات (التي لن تبقى ِ سریة) التي دفعت بوتفلیقة لإعلان تنَ ّحیھ, فإن ما یبرز الآن - بالإضافة إلى دور المؤسسة العسكریة ُ المّمسكة جیداً بالمشھد - قبل ّ تنحي بوتفلیقة وبالتأكید حالیاً- ھو غیاب أي سیناریو یمكن تطبیقھ لإدارة عملیة انتقال ِ سلس للسلطة. سواء في المرحلة الإنتقالیة أم في التأسیس للجمھوریة الثانیة, التي قد لا یكون فیھا .حزب جبھة التحریر الوطني الذي قاد البلاد منذ الاستقلال, جزءاً من المشھد الجزائري الجدید ھل قلنا حزب جبھة التحریر؟ نعم، إذ ّ ثمة دعوات بدأت بالظھور تُنادي ّ بحل ھذا الحزب (إقرأ اجتثاثھ) وعدم السماح لھ بالعمل السیاسي. ما قد ینذر ّ بأن عملیة تطھیر وانتقام ستبدأ ضد رموز وھیئات ّ ومؤسسات الجمھوریة الأولى, وھو أمر قد یضع بلد التجربة الدمویة ُ الم ّسماة العشریة السوداء,على طریق الفوضى والاقتتال الداخلي، وإن كان ّ ثمة َ من یرى أن تلك التجربة ُ المّرة وربما بسببھا, لن یجرؤ أحد على ُ م ّجرد التفكیر بالانزلاق إلیھا. بعد أن لم یَخرج أحد منھا رابحاً لیس ّ ثمة ما یمكن الرھان علیھ الآن, إذا ما بقیت أحزاب َ المعارضة الجزائریة عند مواقفھا ُ المعلَنة, برفض كل ما طرحتھ المؤسسة العسكریة من تفعیل للمواد 7و8 وخصوصاً 102 من الدستور، وبخاصة أنھا, فضلاً عن انقساماتھا المعروفة, لا قُدرة لدیھا على ضبط الشارع الذي أعلَن َ رفضھ َ مشاركتَھا احتجاجاتھ منذ 22 شباط الماضي، كذلك سیكون من الخطأ ُم َ واصلة المؤسسة العسكریة التي أعلنَت إنحیازھا لمطالب الشعب, الإمساك بخیوط اللعبة وتفویت الفرصة السانحة , والاكتفاء بمواكبة عملیة انتقال السلطة دستوریّاً وفق ما ّ تقرره ّ المؤسسات بالإبتعاد عن الساحة السیاسیّة تدریجیّاً القائمة, التي لم ِ تفقد دورھا ومكانتھا إلى حین إجراء انتخابات برلمانیّة ورئاسیّة جدیدة، تسمح لاحقاً بعودة (أو بقاء) الجیش في ثكناتھ. لأن ما حدث في الساعات الأخیرة لم یكن انقلاباً عسكریّاً بالفعل لكنھ كان أقرب إلى ذلك. حتى لو ُ إن «صفقة» ما, عقدَت مع بوتفلیقة (ولیس بِطانَتِ ِھ َ ) ضِم ِ نت الخروج الآمن..لَھ .قیل لاحقاً محمد خروب