مبادرة الحركة الإسلامية الخطاب والتوقيت



اطلقت الحركة الاسلامية بالامس مبادرتها لعقد طاولة حوار وطني، بأجندة مفتوحة، يتشارك فيها الكل الوطني لرسم معالم خارطة طريق نحو المستقبل، في ظل التحديات الداخلية والخارجية التي تواجه الوطن الاردني، بعيدا عن النزق وثقافة المغالبة او تسجيل المواقف او قل كلمتك وامض..
من حيث التوقيت.. ثمة ما يستدعي ويوجب المبادرة، من مخاطر سياسية وازمة اقتصادية وواقع اجتماعي محتقن، وثمة خصوصية للحظة الراهنة تمنح حراكا على هذه الشاكلة فرصة للحياة والتقدم على طريق الانجاز.
فالقيادة السياسية أخذت على عاتقها اعلان مواقف سياسية مقدرة في اكثر من موضوع، القدس والتوطين وازاء مجمل السياسة في الاقليم، ضم الجولان والعلاقة مع العراق وسوريا وتركيا وما هو اكثر، وهي مواقف شجاعة تعكس نهجا يستحق الاحترام والتزكية والتشجيع، وهو ما عبرت عنه الوثيقة في بندها التاسع .. بالدعوة لإسناد توجه الاردن لاعتماد سياسة التوازن وتنويع الخيارات.
وفي الجهة الاخرى ثمة حركة اسلامية، عبرت عن روح عالية من المسؤولية ازاء توترات الداخل وضغوط الخارج، رفضت الاستثمار في النزق والمواقف الشعبوية الخالية من المضمون، وتصرح دون مواربة بأن الحوار والشراكة الوطنية هما السبيل الامثل لمواجهة التحديات، وما يتعرض له البلد من ضغوط.
ومن جهة ثالثة، تعيش الساحة المحلية حالة متزايدة من الوعي والاحساس بالمسؤولية .. ولعل الشهور الخمسة الماضية انضجت الرؤى المتصارعة، رسمية وشعبية، وأبانت الخط الفاصل بين الممكن والمستحيل، وان الحوار الوطني هو الوسيلة الاكثر ملاءمة للوصول للحلول.
من هنا جاءت دعوة الحركة الاسلامية لعقد" طاولة حوار وطني" مفتوح بدون شروط مسبقة، لمواجهة استحقاقات الحاضر والتقدم نحو المستقبل.
ومن الملاحظ ان روح المبادرة عكست مرونة عالية، وبحسب توصيف الامين العام لحزب جبهة العمل الاسلامي، فهي ارضية للحوار.. ولا تتضمن شروطا ولا محددات، فالحوار الوطني بقلب وعقل مفتوح، والذي يتشارك فيه الجميع، لاجتراح خارطة طريق نحو المستقبل، هو الغاية والهدف.. وهو معقد الامل والرجاء.
ما يعني ان الحديث عن الاصلاحات الدستورية او قانون جديد للانتخابات وآخر للاحزاب وخطة اقتصادية، او سوى ذلك من حكومة اجماع وطني او انقاذ هي افكار مطروحة للحوار، وليست قيدا ولا شرطا لبدء الحوار او اتمامه، ولا هي جواز المرور للموافقة على نتائجه، وان المعول عليه ما يتوافق عليه الكل الوطني، عبر طاولة الحوار، المفتوح عقلا وقلبا واجندة ، تحت مظلة المسؤولية الوطنية وتقدير المصلحة العامة.
لقد اوضحت الحركة الاسلامية ان الخطاب في المبادرة موجه للكل الوطني، للحكومة ومؤسسات الدولة وللقوى السياسية والمجتمعية المنخرطة في الهم العام.. للبدء بحوار وطني شامل برعاية ملكية كريمة..وهو ما يطرح السؤال الكبير.. ماذا بعد؟
ماذا بعد بالنسبة للحركة الاسلامية؟ هل تكتفي بإطلاق المبادرة، وكفى الله المؤمنين القتال.. ام انها ستواصل السعي ما وسعها السعي، حتى تتحول المبادرة الى واقع يتحرك على الارض.. عبر التواصل مع الشعبي والرسمي؟
وماذا بعد بالنسبة للحكومة؟ هل تلتقط الرسالة وتبني عليها في سبيل الخروج من حالة التدابر.. والتحاور عن بعد دون اشتباك، ام تكتفي بالمراقبة والتحديق في المجهول؟
والقوى السياسية والمجتمعية .. ماذا عساها تصنع؟ وما هي مساهمتها في وضع العربة على سكة الحوار؟
المسؤولية الوطنية تملي على الجميع الخروج من حالة السكون والسلبية، والمبادرة لفعل ايجابي منتج ، ولا سبيل ولا بداية تتقدم على ان تتوحد ارادة الاردنيين على بدء حوار حقيقي شامل، يضع النقاط على الحروف فيما يصلح الحال ويحمي المآل في مواجهة استحقاقات حاضر متوتر ومستقبل مفتوح على كل الاحتمالات.