صوت الجنوب وفيروز
ربما صدفة ، أنّني استمعت لمدة ثلاثة أيّام ، بعد الساعة السابعة والنصف صباحا من اذاعة صوت الجنوب الى مجموعة من أغاني فيروز . وهي ليست اذاعة صوت الجنوب الّتي تبّث من الخليل في جنوب فلسطين ، ولا صوت الجنوب التي تبّث من جنوب لبنان ، أو غيرها . كانت الاذاعة قبل سنوات ، وبين كلّ برنامج وبرنامج ، أو أغنية وأغنية ، تأتي اشارة تبيّن أنّها اذاعة صوت الجنوب من جامعة الحسين بن طلال في معان، ولا أدري من الذي أشار على القائمين عليها أن يلغى حرف الجر واسم المدينة من الاشارة ، مع أنّي لا أعتقد أنّ ذكر اسم المدينة الجنوبية التي ينطلق منها بثّ الاذاعة يمكن أن يسبب لهم خجلا أو يحطّ من قيمة الاذاعة ، لأنها فعلا تبثّ برامجها من فضاء هذه المدينة .
نعود الى فيروز . فالأغاني على مدى ثلاثة أيّام كانت مكررة . ومع أنّي أحترم السيدة المطربة فيروز الّا أنني أمقت أن تعاد نفس الاغاني لأيّام متعددة ، مع أن للمطربة فيروز مئات الاغاني . وقد ذكّرتني هذه الحادثة ، بأيّام السكن الجامعي في دمشق ، حيث كنت أسكن مع شاب سوري ، يضع كلّ يوم في المسجّلة نفس الشريط لنفس الاغاني لفيروز ، ثمّ يعيد الاستماع الى نفس الاغاني كلّما انتهت ، مما أصابني بصداع في الرأس ، فركبت الباص الى ساحة المرجة ، واشتريت بخمس ليرات سوريّة خمسة أشرطة لفيروز بأغان مختلفة وأهديتها لزميلي في الغرفة ، وأضفت اليها شريط لمحمد عبده كنت قد أحضرته معي من الأردن ، على شرط أن نستمع اليه ، كنوع من التغيير ن الأمر الذي لم يعجبه طبعا .
لذلك ، وعلى اعتبار أنّ الاشرطة قد مضى زمانها واستبدلت بأسطوانات ، فسأهدي القائمين على اذاعة صوت الجنوب بعض من اسطوانات أغاني فيروز على شرط أن يذكروا أنّ الاذاعة تبّث من معان ، وهي فعلا كذلك . لقد نسيت أنّ الاسطوانات ايضا مضى زمانها واستبدلت بتسجيلات على الحاسوب ، وهذا يصعّب عليّ الامر مثلما كان صعبا عليّ يوم أن دخلت في موسكو الى سوق تجاري كبير , وكنت حديث عهد بالمدينة ، فسمعت موسيقى لاحدي أغاني فيروز . وقفت أنتظر طويلا سماع صوتها ، فلم أفلح . ضحك عليّ من كانوا معي من الطلبة . وأخبروني أنّها موسيقى للموسيقار تشايكوفسكي مأخوذة من مقطوعة بحيرة البجع .
أعلم أنّ الامكانيات الماديّة للجامعة لا تسمح بزيادة أعداد كادر الاذاعة التي أتمنّى أن تزدهر وتنمو وتتطوّر ، وحتّى يتمكّن معدّي الاخبار من أن لا تتكرر أخبار الساعة الثامنة صباحا ، وتكون هي نفسها اخبار الثامنة مساء .