هيبة الدولة..!

ھیبة الدولة، مثل ھیبة الأب، لا أحد منا یرید أن یرى ھیبة أبیھ وقد كسرت، أو یراه الناس صغیراً ومحطماً بلا ھیبة.. .وإذا ھیبة الأب، في الأساس، فعل أخلاقي وقیمي، فھیبة الدولة كل ذلك، وفعل قانوني أیضاً للدولة، ّ أي دولة، ھیبة یأخذھا مواطنوھا بالحسبان، حتى وھم یختلفون معھا، یبقون الأشد حرصاً على عدم ّ المس بھا، .فھیبتھم، بالمحصلة، من ھیبة دولتھم، أمام أنفسھم وأمام دول العالم وشعوبھا نعم، نختلف، ویجب أن نختلف، مع المؤسسات، على ّ أي شأن وطني، وندعو بأعلى الصوت، لإصلاحھا، ونحتج .ونعترض لتصحیح مساراتھا المالیّة والإداریّة، لكن دون أن نحطم ھیبتھا فھكذا تحطیم، یفتح ثغرات في جدار الوطن، ویضعف مؤسساتھ، ویھز المسؤولین ویدفعھم للإنطواء، فیتسلل المتآمر .والمتربص، دولاً وأفراداً، كل یحاول أن یمدّ یده داخلھ لیتلاعب بھ وینفث سمومھ وشره المعنى، أن في كل دولة رموزاً ورمزیات، مھما بلغ الخلاف والاختلاف داخل ّ أي منھا، یبقى في محیط تلك الرموز . ّ والرمزیات، دون مسھا أو النیل منھا وتصغیرھا، أو التجاوز علیھا بما یفضي إلى تحطیم صورتھا وخدشھا مثل ھذا الحرص، یعكس، بلا مواربة، وعیاً متجذراً وتقدیراً عمیقاً لخطورة ّ المس برموز ورمزیات الدولة، أو النیل .من ھیبة مؤسساتھا، خصوصاً تلك السیادیّة والحساسة الضامنة للاستقرار والاستمرار ھذا الوعي ھو نتاج طبیعي ّ لحس وطني ٍ عال، وإدراك عمیق لما یحیط الدولة من تحدیات وصعاب، وما تواجھھ من .تآمر ومخاطر ومن یحمل مثل ھذا الوعي، ستكون حساباتھ عمیقة دقیقة، وخطوطھ الحمر واضحة جلیة، لا لبس فیھا أو التباس، وخلافھ مع مؤسسات وطنھ محسوب ومقدر تقدیراً دقیقاً وصحیحاً، فھو یقول ویفعل، یؤید ویعارض، من منطلق واحد .ھو أن یرتقي بالوطن لا أن یھشمھ وحتى ینضبط المعنى من كل ذلك، ویتحمل كل طرف مسؤولیتھ، لا بدَّ ونحن نطالب الناس، على اختلاف مواقفھم السیاسیّة، حفظ ھیبة الدولة، أن نطالب، أیضاً، القائمین على المؤسسات ذاتھا بالحرص على ھیبتھا، وألا یتصرفوا بما .یسھم في نزعھا ذلك مدخلھ، وأساسھ، التزام الدستور والقانون، والشفافیّة، ومعاملة الجمیع بسواسیة، وأن تكون المؤسسات عادلة في .قراراتھا وسیاساتھا، وتتوافر على مبررات كافیة ومقنعة لكل قرار وتصرف وعندما نقول إلتزام الدستور والقانون، نعني التزاماً جمعیاً، فھما یرسمان العلاقة بین السلطات، وبینھا وبین الناس، . ّ وأي طرف یعتدي علیھما، فھو یضرب جوھر ھذه العلاقة وقیمھا مرة أخرى، من حق الناس أن تعبر وتنتقد وأن ّ تدب الصوت احتجاجاً واعتراضاً، ومن حق الوطن على الناس أن .یصونوا مؤسساتھ ورموزه ورمزیاتھ ویعلوا من ھیبتھا !إن إضعاف المؤسسات وتحطیم صورتھا إضعاف للدولة.. فمن منا یرید أن یرى بلده ضعیفاً مھشماً..؟ راكان السعایدة