أزواج يحرمون زوجاتهم من لقاء أهلهنّ بالعيد متناسين واجب صلة الرحم

تعد تجد منال فرحة ومتعة العيد التي كانت تسعد بها برفقة أهلها وأصدقائها ومعارفها قديما، فتبدل الحال عندها بعد الزواج، وبات لا يمثل لها العيد سوى عبء جديد، انضم إلى مسؤوليات زواجها، والسبب في ذلك هو زوجها.

منال التي تبقى حزينة طيلة أيام العيد بسبب حرمانها من رؤية أهلها في هذه المناسبة، تشير إلى أن سكن أهل زوجها في منطقة بعيدة عنهم، يجعلهم يجمعون أغراضهم ليغادروا منزلهم ويمضون أيام العيد كاملة عندهم.

هذا الأمر حال دون رؤية منال لأهلها وأصحابها في أيام العيد، كما تقول، منوهة إلى أنه يحرمها كذلك من انتظار إخوتها في الصباح، حيث كانوا يأتون لمعايدتها هي وشقيقاتها.

وتضيف "لا يوجد أي دين أو عادات تحرم الفتاة من رؤية أهلها بالعيد، أو أن يأتوا لمعايدتها لأي سبب كان"، مبينة أنها تبقى طوال تلك الأيام على اتصال مع أشقائها لمتابعة أخبارهم ومعرفة ما قاموا به من نشاطات.

في حين أن الثلاثينية سعاد تمضي اليومين الأول والثاني من العيد بالكامل مع أهل زوجها، بالرغم من أنها تطلب منه مرارا أن يدعها تمر مجرد مرور على أهلها لتعيّد عليهم، إلا أنه يرفض ذلك، مخبرا إيّاها أنه في اليوم الثاني سيدعها تذهب.

وتضيف "يأتي اليوم الثاني، لكنه يرفض الذهاب معي! أو يشترط عليّ أنه سيذهب لتأدية الواجب فقط نصف ساعة ويستأذن، وهذا الأمر يزعجني كونه يعطي نفسه حقوقا يحرمني منها".

اختصاصي علم الاجتماع الدكتور حسين محادين يرى أن الأصل في الزواج هو التواد والتراحم، وبالتالي تحقيق احترام كل منهما لعلاقات الآخر، خصوصا ما يخص رابط الدم المتمثل في أهل كل منهما.

ويشير إلى أنه من الواضح أن عملية التجانس والتناغم بين الزوجين قبل الأعياد، تقتضي أن يتوصّلا معا إلى علاقة متوازنة تحترم إنسانية كل منهما وقيمة ارتباط كل منهما بعائلته رغم زواجه، مبينا أنه أحيانا كثيرة يرى البعض في هذا القرار أولوية قصوى بالنسبة له وكأنه ينظر للموضوع في عين واحدة.

ويضيف أنه لا بد من التذكير الدائم أن الإنسان رجلا أو امرأة محكوم بحدين هما؛ أهله وأنسابه مع ملاحظة اختلاف النضج في كل أسرة على الأهمية.

وفي هذا السياق، يرى الاختصاصي الأسري الدكتور فتحي طعامنة، أنه لا بد من النظر إلى العلاقات على أنها علاقات متكاملة، والأصل أن تكون كذلك وأن تكون مبنية على التعاون وليس التفاضل، حتى لا يحدث خلل في بنية الحياة الأسرية والزوجية.

إلى جانب أنه يفترض أن ينظر إلى المناسبات على أنها مسألة عامة واجتماعية، وفق طعامنة الذي يقول "فكما يريد الزوج زيارة أرحامه وأهله، كذلك الزوجة لها الحق في استقبال أهلها وزيارتهم، فكلاهما لهما أرحام، وإجبار الزوجة على قضاء أيام العيد في زيارة أهل الزوج وإخوته دون أن يترك للزوجة هامشا لزيارة أهلها، أو أن تُزار منهم، فهذا يخلق خللا في بنية الأسرة ويفتح بابا للمشاكل".

ويشير إلى أن بعض الزوجات قد لا تقبل بالذهاب مع زوجها، لذلك يجب أن يكون هناك اتفاق مسبق قبل بداية العيد على تنظيم الوقت وتقسيمه على الطرفين، وكذلك لا بد للزوج من زيارة أهل زوجته واعتبارهم أرحاما له.

في حين أن الأربعيني نضال يرى أنه اعتاد  تمضية العيد برفقة أهله، ومع مرور الأعوام وزواجه ومشاغل الحياة، بات لا يراهم كثيرا، مما يجعله ينتظر قدوم أي إجازة حتى يمضيها مع أهله، وحتى يجلس أبناؤه كذلك مع أهله ليعتادوا عليهم ويعرفوهم أكثر، مبينا أن زوجته ليس عندها شيء طوال السنة، ويمكنها زيارة أهلها في أي وقت، فهو لا يمنعها من ذلك، بينما هو ليس عنده سوى تلك الإجازات، ومن ضمنها إجازة العيد، حتى يمضيها بالكامل مع أهله هو وزوجته وأبناؤه.

وفي ذلك يرى اختصاصي الشريعة الدكتور منذر زيتون أن "إجبار الطرف الآخر، بسبب إرادة الزوج، يعد تعسفا وتجاوزا عن حق الآخر، فالأصل أن يكون الأمر على التراضي والموافقة بين الطرفين".

ويضيف أن الزوج المنصف كما يمضي وقتا عند أهله، لا بد أن يمضي ذات الوقت عند أهلها، خصوصا في أول يوم عيد، أو يتركها تذهب وحدها، إلا أنه من حقها عليه أن يذهب معها لمعايدة أهلها كذلك.

ويذهب اختصاصي الطب النفسي الدكتور أحمد الشيخ إلى أنه إذا أراد الزوج أن تكون زوجته صادقة في مشاعرها اتجاه أهله، عليه أن يلبي حاجتها اتجاه أهلها، ولا يجب أن يرفض لها الذهاب في العيد عند عائلتها، حتى تحتفظ بالمشاعر الطيبة اتجاه أهله، كون مسألة ذهابها عند أهله مرتبطة بالحب وليس بالفرض.

ويضيف أنه من المفروض أن يقوم بزيارة أهلها لفترة مناسبة وكافية، ولا يقتصر ذلك فقط على أهله، مبينا أن غير ذلك سيؤثر على زوجته من الناحية النفسية كثيرا، خصوصا بما يخص مشاعرها اتجاه أهله