امانة عمان الكبرى والعودة الى البدايات

امانة عمان الكبرى والعودة الى البدايات
في ضل صدور تقرير اللجنة الفنية المشكلة باحداث غرق عمان والتي اشارت أن الأمطار التي شهدتها العاصمة لم تكن استثنائية ، وخلص إلى أن الأمطار لا تبرر غرق المدينة، وكان من المفترض استيعابها في الشبكة، مشددا على أن قناعة الشركة تفيد بوجود عوائق بالتصريف تزامنت مع استمرار الهطول لفترة طويلة نسبيا، ما ادى الى زيادة الجريان السطحي في الشوارع وتجمع المياه في المناطق المنخفضة . وهذه اشارة واضحة على التقصير بالوثائق والحقائق العلمية ، لكن قيادة الامانة بدلا من الاعتراف بالتقصير وتحمل المسؤولية والبحث عن الحلول عملت على تشكل لجنة من موظفيها لنقض هذا التقرير وكاننا في ميدان الهروب من تحمل المسؤولية ، مما يجعلنا نطرح سؤالا مهم هل نحن بحاجة الى العودة الى بدايات انشاء امانة عمان الكبرى والاستفادة من النجاحات التي حققتها الامانة في بديات تشكيلها في عام 1987 ؟
اذا بدأ مجلسها مكوننا من عدد من الضباط المتقاعدون ، مما جعل انطلاق امانة عمان الكبرى انطلاقة ناجحة لاعتماد عمل الامانة في الاساس على العمل الميداني والتواجد على ارض الوقائع لا على - الادارة من خلف المكاتب - فعمل الامانة عمل خدمي يحتاج الى رجال ميدان يعملون باسلوب عمل الفريق الواحد يتابعون التنفيذ بأنفسهم ، وعلى هذا الاساس نجحت الامانة وأصبحت مثالا يحتذى في الادارة المحلية ، فقد اعتمد العسكريون في البدايات على ادارة الامانة على تنفيذ رؤية ورسالة الامانة في تنفيذ المهام وتقديم الخدمة على اكمل وجه سواءً توفرت الامكانات او لم تتوفر ، واعتمد العسكريون في البدايات على تنفيذ الواجب ولو باقل إلامكانات ، وفي كثير من الاحيان عمل العسكريون في البدايات على مبدأ (دبر حالك ) ، وهذا المبدأ يعني استخدام الابداع في تنفيذ الواجب ، ورسخ العسكريون في البديات مبدأ تحمل المسئولية واتخاذ القرار في جميع ما يخص الواجبات الموكول لهم ، وتحمل تبعات هذا القرار والبعد عن تبريرات للفشل في حال حصوله ، وما التراجع في الاداء في الاونة الاخيرة لأمانة عمان الكبرى رغم انها تمتلك الامكانات والأموال اكثر من البدايات يعود - في اعتقادي – الي :
1. ضعف الادارة وعدم المتابعة في التنفيذ الميداني والاعتماد على تنفيذ الواجبات من خلف المكاتب والبعد عن ارض الواقع .
2. الاعتماد على موظفين يوهمون مسئولهم بأنهم في موقع الحدث وانهم اشرفوا على التنفيذ على اكمل وجه ودون متابعة ميدانية لتاكد من تنفيذ الواجب المطلوب ، وعلى ضوء هذا الكلام يتبنى المدير كلام موظف مهمل بأنه تم انجاز المطلوب ويستعرض نتائج وهمية عن انجازاته ويبدءا الفشل بالظهور امام العامة .
3. عدم الاعتراف بالفشل في حل حدث هذا الفشل وتبريره بشتى السبل الغير مقنعة للجمهور الواعي والعرف للحقائق في ضل تغطية مباشرة لهذا الفشل .
4. عدم القدرة على اتخاذ القرار المناسب وفي الوقت المناسب وتحمل تبعات هذا القرار حتى لو كان .
5. الاعتماد على ارقام واحصائيات وهمية تعظم الانجاز الوهمي في ضل وجود وسائل اتصال تكنولوجية حديثة تعتمد على الواقع والنتائج الملموسة والمحسوسة.
ان اول من نبه للضعف في الاداء للمؤسسات الخدمية هو جلالة الملك عبد الله بن الحسين - اطال الله عمره - وطلب من رؤساء الحكومات المختلفين الذين استلموا بعهده بتحسين الاداء والقضاء على الضعف والفشل الاداري ،غير ان الحكومات المختلفة ممثلة بوزرائها وموظفيها تبحث عن تبريرات اكثر مما تبحث عن حلول لهذا الضعف وفشل الاداء .
مما يضطر صاحب الجلالة -اطال الله عمره - لتنبيه والتوجيه بل ولتدخل احيانا شخصيا في بعض الامور مثل الطلب بتبديل مسئولين في مواقع معينة .

اخيرا ان لست هنا لكى اسوق للعسكريين لاستلام المناصب فا انا اعلم ان هناك موظفون مدنين قادرين على الادارة والقيادة وميدانين وعمليون وعلى درجة عاليا من الكفاءة في عملهم ، لكنهم وللآسف مغيبون لصالح موظفون اقل منهم كفاءة ودرية ، ولذا فأننا الان بحاجة الى وزراء ومسؤولين قادة ميدانين سواءً كانوا مدنين اوعسكريون ليترجموا رؤية جلالة الملك عبد الله الثاني في الاردن الاجمل والأول في كل شيء .