عيد الياسمين الدمشقي

 
عيد الياسمين الدمشقي
واحتجب الهلال هذا العام.. هلال العيد.. لم يجد ثوباً قشيباً مزركشاً، وبسمةً صافيةً يُطل بها عليك يا شام.. وخيّم صمتُ المقابر.. وحُلكة القهر صبغت السماء فارتدّت رمادا مُحرقاً..
وفي تلك الشوارع الممزقة رأيتُها، كانت تلملم جراح أبنائها، تنسجها غيمةً تُمطر دماً وغضباً يُفجّر نحور الأرض، تلك الأم لم تصنع كعك العيد هذا العيد؛ قلوب الشهداء كانت لها أحلى وأطيب.. وهذه الزوجة لن تتعطر هذا العيد؛ فرائحة المسك تغمر ثنايا بيتها المضمخ بدم زوجها الشهيد..
وطفلة ذات ضفيرتين مبعثرتين جلست تتأمل جسد صديقتها الممزق كدمية عبثت فيها ريح هوجاء.. فما عادت تشتهى الدمى. وذاك الجدُّ له في كل عيد عيدية، لكنها هذا العيد أثقل وأثمن وأغلى: عين مفقوءة وبيت محترق وشهيد..
عيدي هذا العام ياسمينة دمشقية تلونت بدماء الأحرار، وفرحتي هذا العيد بكسر قيد طوّق الأعناق، وعطري هذا العيد بشذى فجر النصر القادم لا محالة..
لكن.. يا أهلنا في سوريا.. هاهم حمزة وليال وإبراهيم ويوسف.. يحملون إليكم هلالا خجِلاً.. يرجونكم فرحا.. ويبشرونكم نصرا وفرجا.. أفطروا..  ولن يطول انتظاركم؛ فالأضاحي على الأبواب ستسلم قيادها لكم، ليرتفع هلالكم وتغني نواعيركم، وتشمخ قلاعكم، ويحلو فراتكم، وقيل يا أرض ابلعي دمائك وأزهري أبناءك ويا ظلمات أقلعي فيقضى الأمر فطوبى للصابرين..
ظلال عدنان العقلة