البطالة توجع

البطالة» مصطلح تلفظھ ألسنة المسؤولین كل یوم ألف مرة، دون أن «یلدغھم» الجوع» ّمرة أو الفراغ مرة أو قلة الحیلة مرة، یتكلّمون عن البطالة في معرض الدفاع عن سیاساتھم او الكشف عن الخطط الوھمیة القادمة أو في محاولة بائسة للنزول من تحلیقھم ..المرتفع جداً لا یعرف قسوة البطالة الا من ّ جربھا، الا من عاشھا بكل مرارتھا وسواد غرفھا..الا من .دخل في التفصیل الیومي للشاب العاطل عن العمل عندما یكمل أحدھم تعلیمھ الجامعي یكون ّ متحمساً جداً لسوق العمل، یرید أن یثبت لنفسھ ولأھلھ أنھ قادر أن یعطي ویعمل، یطرق الأبواب الكثیرة في فترة قصیرة، یصور شھاداتھ وسیرتھ الذاتیة ویرتحل من مكان إلى مكان ومن شركة إلى شركة ومن مصنع إلى مصنع، لكن شیئاً فشیئاً ّ یتكشف أمامھ الوجھ الحقیقي لسوق العمل..حتى الحماس الذي كان یعیشھ یفتر شیئاً فشیئاً عندما یشعر ّ بتذمر رب الأسرة من أجرة الطریق ورسوم التصدیق..وربما سمعھا الكثیر منھم وسمعتھا شخصیاً من أحد الآباء: » یابا..قاعدین بندفع مواصلات ع الفاضي وفیش فایدة..اقعد ووفّر ..«أجارك لا تلوموا الشباب، النصائح سھلة، والكلام النظري في متناول الجمیع على غرار «بلّش بمشروع ع قدك»، «اشتغل أي شي»، » افتح بسطة»..لأن المشروع الذي على قدّه یحتاج الى رأس مال..ورأس المال «راتب الوالد» الذي یشترى فیھ خبزاً للعائلة، اشتغل أي شي؟..أصحاب المصالح یعانون من ضعف الحركة التجاریة وبالتالي فھم یقلّصون العمالة لا یزیدونھا..أما كلمة افتح بسطة لا الأمانة ولا البلدیات ستترك في حالك..في أول جولة تفتیشیة وضبطیة ..ستكفر في وطنك الذي صغر كثیراً وصار أصغر من بسطة لا أحد یفھم معنى البطالة الا الذي جربھا..إذا تأخر الشاب في النوم قلیلاً فھو ملام ّ ویذكر بأنھ «لا شغلة ولا عملة» إذا أكل كثیراً یلام ولو بالنظرات، إذا جلس في البیت طویلا یلام، ویصبح السؤال عن «الشغل» جارحاً ومؤلماَ، «ما بتشتغلش"؟، «فیش وظایف"؟ «بعدك قاعد"؟.."متى بدك تتجوز على ھالحالة"؟؟...ھذه المواجھات الیومیة واللوم الصامت تأكل ورقة الأمل العریضة،وتجعل الشاب أكثر ارتباكاَ وضعفاً وانكساراً وجاھز لثورة مباغتة وغیر متوقعة..أشعر تماماً بما ّ یحس بھ شباب معان على وجھ التحدید وشباب البلد على وجھ العموم..فالطاقة ّ المعطلة قاتلة .وممیتة والمستقبل المبھم وحش حقیقي..جاھز لافتراس العمر دفعة واحدة ahmedalzoubi@hotmail.com احمد حسن الزعبي