ماذا تنتظرون ؟!!!
ماذا تنتظرون ؟!!!
اثنى عشر عاما من عمر الانقسام الاسود ... وما حدث بداخلنا من حدث مزلزل دمر الكثير ولا زال يأكل ما تبقى .... ومما أحدث من ترددات مؤلمة فيها الكثير من التضحيات والالام ... فيها الكثير من الدموع والاحزان ... ولا زال الجسد يتأكل بلحمه وعظمه دون توقف ودون أدنى مبرر يمكن ان يقنع أحد .
حدثت اللقاءات وتم التوقيع على العديد من الاتفاقيات ... ولا زلنا بذات المكان ... وعلى ذات الكلام والموقف ... دون ان نحرك ساكنا ... ودون ان نخطوا خطوة واحدة صوب مصالحنا واولوياتنا الوطنية .
كلما كانت اللقاءات ... كلما شعرنا بمدى التباعد والاختلاف غبر المبرر ... وغبر المقبول ... وغير المفهوم !!!
وكأننا قد وجدنا بحالتنا القائمة في ظل عدم التنفيذ للاتفاقيات وابقاء الحالة على ما هي عليه أمرا مقبولا ... برغم كل الامه واحزانه وتضحياته ... أي اننا وجدنا بادارة الانقسام حلا مقبولا وممكنا ... كما ادارة الصراع والحالة القائمة من الانتظار الى حين حدوث المعجزة !!!
لم يعد مفهوم الانتظار مقبولا ومفيدا ومبررا .... ولم يعد الترقب والمراهنة على المتغيرات وحدوث المعجزات ذات فائدة .
من هنا نجد ان لغة الانتظار .... كما لغة المجادلة والمناكفة .... كما لغة تصدر المقولات والطروحات والمشاريع ... وكأننا نريد من انهاء الانقسام ان يحدث الحلول كافة لمشاكلنا وازماتنا ومتطلبات كلا منا ... وهذه لغة يراد منها باطل ... ولا يراد منها حق او اصلاح .
ما وصلنا اليه ما بعد طول انتظار يشعرنا بامتهان الكرامة ... وضياع القضية .... واهدار الحقوق ومدى خطورة كل ذلك على مشروعنا الوطني الذي اصابه التكلس والجمود في ظل فتور الفعل والذي لم يبقى الا القليل القليل .
وعند السؤال يخرج علينا البعض ليقول ان الانقسام بات أمرا صعبا وبعيدا .. وكأنه يقول لمن ينتظر من الملايين ان حالكم سيبقى ... وان ايامكم لن ترى النور ... وان احلامكم لن تتحقق وهم بذلك يقولون لنا لا فائدة من الانتظار ... وعليكم بالقبول بالامر الواقع ... ولم يعد احد يريد خلاصكم !!!
جهود المصالحة وانهاء الانقسام الاسود يجب ان لا تتوقف ... ويجب ان تأخذ طريقا واليات عمل مختلفة يجب ان تكلل بخطوات عملية لا تقبل ببقاء الحال ... وفي ذات الوقت ضرورة الانتقال الى مرحلة جديدة من الحياة السياسية ... والانتخابات الديمقراطية لتعزيز مقومات الصمود ... وانهاء وازالة حالة اليأس والاحباط التي تملأ الارض والسماء نتيجة لسنوات عجاف لم يكن لها ما يبررها ولم يكن بنتيجتها الا الخراب والدمار والازمات .
مصر الشقيقة لم تألوا جهدا ... ولم توفر فرصة الا وتحركت واجرت من اللقاءات والحوارات على مدار سنوات الانقسام لاجل اتمام المصالحة وتعزيز الوحدة الوطنية ... وعدم استمرار حالة النزف اليومي التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني نتيجة استمرار هذا الانقسام .
مصر الشقيقة واذ تستمر بمساعيها الحثيثة .... فانها تأمل بكل جولة ان يكون هناك من الخطوات الجادة والصادقة والامينة ... لاجل انهاء الانقسام وان لا يستمر المشهد الانقسامي على حاله من المأسي والكوارث والازمات التي يعشها سكان القطاع ... وهذا ما يحمل كافة القوى مسؤولية الالتزام ... وصدق النوايا .. وارادة الفعل الجمعي لاجل انهاء كافة فصول الانقسام ومشاهده وشواهده .... واتمام المصالحة وترتيب البيت الفلسطيني على اسس وطنية ديمقراطية بعيدة عن الاجندات الخاصة والخارجية .
لقد طال الانتظار ولم يعد بالامكان الاستمرار على هذه المحطة التي نتج عنها الكثير من المأسي والكوارث والازمات والتي تحملنا الوقوف امامها لعل وعسى ان يحدث المراد ...وان تعدل الافكار وان يحدث المتغير بمنهجية الفكر ... وان يعاد قراءة الواقع وما يجري من حولنا ... وما ينتظرنا من تحديات ومصاعب ... وما يخطط لاجل سلب المزيد من حقوقنا وانهاء قضيتنا ومشروعنا الوطني .
لقد اصبح الانتظار بلا معنى ... وبلا مبرر .. لكنه الانتظار المكلف والذي يزيد من الاعباء والتحديات بثمنه الكبير وفاتورته الباهظة .... ولم يعد بالامكان القبول بمبدأ الانتظار على ارضية المعاناة والالام والاحزان ودون بريق أمل او نافذة تجدد الامال لدينا ... اننا قد تعلمنا الدرس واستفدنا من التجربة .... ولم يعد بالامكان الانتظار بأكثر مما انتظرنا في ظل نتائج يلمسها الصغير والكبير ... الغني والفقير .
معاناة جامعة ... لازمات طاحنة ... لكوارث قائمة ... ويقال لنا انتظروا ... كما يقال اصمدوا فهل هذا يعقل ؟!!! هل هذا مقبول ؟!!! هل هذا مبرر ؟!!! .
الكاتب : وفيق زنداح