الإمام المقامر..ّ!!
تألمت وغضبت في نفس الآن لحال ذلك الرجل الذي اتصل ببرنامج مسابقات "أسيل" الرمضانية الذي يبثه التلفزيون الأردني يومياً خلال فترة الإفطار وعلى الهواء مباشرة، مدّعياً أنه إمام مسجد وراح يستجدي مقدمة البرنامج لمساعدته لكي يربح السيارة، مستجدياً متمسكناً مبرراً أنه باع سيارته من أجل سداد ديونه..!
وقلت في نفسي يا ليت الرجل لم يُعرّف على نفسه بأنه إمام مسجد، فكيف يكون إماماً وهو يقامر على الهواء مباشرة في الوقت الذي يقرأ في صلاته ويأتمّ به مصلّون كثر قوله تعالى (إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه..).. أي إمام هذا الذي يرتكب هذا الرجس الشيطاني ثم هو يصلي في الناس، آمراً بالمعروف وناهياً عن المنكر، هل ثمّة منكر أكبر من هذا الميسر الذي يُرتكب على الهواء مباشرة باسم مسابقات رمضان، ورمضان معنا أحلى.. ويسكت على ذلك المفتون ودعاة الفضائيات ووزير الأوقاف والمفتي العام وقاضي القضاة وغيرهم من الأئمة والعلماء والمجتهدين من أهل الفقة والفتوى في بلد دينه الرئيس الإسلام، وأقام الدنيا ولم يقعدها بعد على شبهة إقامة كازينو البحر الميت..!!؟؟
وأسأل كم من الأموال الحرام تم جنيها من جيوب آلاف المواطنين عبر استدراجهم لاتصالات هاتفية بمئات الآلاف تحت مسمى (مسابقة رمضانية) فيما هي مقامرة فاضحة تُمارس على الهواء مباشرة ( كازينو على الهواء).. بغطاء رسمي ومباركة رسمية ضمنية..!!؟
يا لَذلك الإمام البائس الحائس، ألم يجد أمامه سوى المقامرة على الهواء لتحسين أوضاعه المالية وسداد ديونه، وإذا كان البؤس عنده إلى هذه الدرجة، ألم يكن بمقدوره أن يقامر دون أن يسبّب هذه الإساءة البالغة لأئمة المساجد لو لم يًعرّف على نفسه كإمام..؟! لكن يبدو أنها حكمة إلهية، فيريد الله أن يفضحه على رؤوس الأشهاد.. وتلك قصة نضعها بين يدي وزير الأوقاف: أي أئمة لدينا في الأردن، ولأي مستوى من الأئمة ينتمي هذا الإمام المقامر..أو الجاهل إذا أحسنّا الظن به..؟! ثم نوجّه سؤالاً كبيراً عن أحوال الأئمة والمؤذنين والقائمين على خدمة بيوت الله، نفتح هذا الباب وكنا قد فتحناه سالفاً، وطالبنا بالنظر في مخصصات الأئمة والقائمين على بيوت الله.. فقد آن الأوان لكي يشعر هؤلاء بمكانتهم ودورهم كدعاة تنوير ووسطية في المجتمع، وهو دور يأتي في القمة على المستوى المعنوي والروحاني والمجتمعي، لكنهم في القاع على المستوى الاقتصادي والمادي.. هكذا نحن تركناهم، فإلى متى..!!؟ هل ننتظر من عشرات الأئمة أو ربما المئات أن يحذوا حذو ذلك الإمام البائس ويتنافسوا على برامج المسابقات في لعبة ميسر حرام طمعاً في تحسين ظروفهم المعيشية وسداد ما تراكم في ذمتهم من ديون..!!؟
سؤآل نضعه أمام أصحاب القرار وفي طليعتهم سيد البلاد.. وريث العترة النبوية الشريفة.. ونقول: أعزوا الأئمة تعزون ويعزّ المجتمع وتنشرون الوسطية والوعي الديني السليم في المجتمع وتقطعون الطريق على التطرف والمتطرفين.. ولكل أئمتنا وعلمائنا الصابرين على ضنك الحياة وبؤس الحرمان وألم الإقصاء دون أن يتنازلوا عن ثوابتهم ومبادئهم ألف تحية وسلام..