عن المسؤول كبیر السن في بلدنا

ھا ھي مالیزیا تعود بانتخابات حرة مباشرة إلى أحضان مھاتیر محمد بعد أن صار عمره نیفاً وتسعین عاماً، وھا ھو الشعب التركي ینتخب رجب طیب أردوغان لرئاسة البلاد وقد تجاوز نصف العقد السابع من عمره، وھاھو الرئیس الروسي فلادیمیر بوتین یقترب من نھایة عقده السابع ولا یرى الروس في ذلك ما یعیبھ، أما الرئیس الأمیركي دونالد ترمب فھو الآن في عقده الثامن، ومثلھ الرئیس الأمیركي الأسبق رونالد ریغان الذي تولى رئاسة الولایات المتحدة الأمیركیة لدورتین انتخبھ لھما الشعب الأمیركي وقد تجاوز الثمانین، ولم یرى الأمیركیون في تقدم السن ما یعیب رئیس بلادھم، ومراجعة بسیطة لرؤساء الولایات المتحدة تبین أن جلھم كانوا قد تجاوزوا العقد السادس من أعمارھم،وھاھم الیابانیون یقدسون إمبراطورھم الذي تجاوز الثمانین، وھا ھم الكوبیون لا یرون في اقتراب عمر رئیسھم راؤول كاسترو من التسعین ما یعیبھ، مثلما لایرى الصھاینة في تقدم قادتھم بالسن شیئاً معیباً بما فیھم نتنیاھو، أما البریطانیون فما زالوا یدینون بالولاء والاحترام لملیكتھم التي تجاوزت التسعین من .عمرھا وما زالت تمارس أدوارھا وفق الأعراف البریطانیة مناسبة ھذا الاستعراض السریع لأعمار عدد من قادة العالم ھو ما حدث مؤخراً في بلدنا، عندما انتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي ملصق یضم صورا لعدد من كبارنا وأجلائنا الذین أفنوا زھرة شبابھم في خدمة ھذا البلد، من أمثال دولة الدكتور عبد الرؤوف الروابدة ومعالي الدكتور رجائي المعشر ومعالي الدكتور منذر حدادین، ومعالي الدكتور زیاد فریز، ومعالي الدكتور ولید المعاني، ومعالي السید عقل بلتاجي،حیت تناسى من تداول ھذا الملصق وغیره من التعلیقات عبر مواقع التواصل الاجتماعي السجل الحافل لكل واحد من ھؤلاء الذوات، كما تناسوا قدرتھم على العطاء، فكل واحد من ھؤلاء الذوات حفر سیرتھ ومسیرتھ بصخر ھذا الوطن، فلم یولد أحدھم وفي فمھ ملعقة من ذھب، وقد بدأوا جمیعاً مسیرتھم الوظیفیة من أول السلم، بل إن بعضھم ضحى من أجل وطنھ بمنصب متقدم خارج الوطن لیلبي نداء الوطن، كما فعل الدكتور منذر حدادین عندما لبى نداء الشھید وصفي التل فترك وظیفتھ في الولایات .المتحدة الأمیركیة لیعود واضعاً خبرتھ في خدمة وطنھ إن مراجعة سیرة ومسیرة أي من ھؤلاء الذوات ستبین لنا كم نحن ظالمون لرجالنا، ومن ثم لتاریخ بلدنا، بل كم نحن ظالمون لأنفسنا عندما نسلم رقابنا وعقولنا للجھلة الذین یثیرون زوبعة كلما تولى المسؤولیة صاحب خبرة بحجة تقدمھ بالسن، وقد فات ھؤلاء أن جل دول العالم المتقدم یقودھا مسنون عركتھم تجارب الحیاة، ممن استعرضنا أعمار .بعضھم في ھذا المقال طباعة مع التعلیقات طباعة بلال حسن التل والسؤال ھنا من ھم ھؤلاء الذین یریدون أن یوجدوا لبلدنا مقاییس مختلفة عن سائر دول العالم خاصة المتقدمة منھا، مقاییس لا تتوافق إلا مع جھلھم الذي یصور لھم أن التقدم بالسن «عیب» بینما ھو حكمة تعین على اتخاذ القرار الصائب، فالأمر لیس أمر أعمار بمقدار ما ھو أمر قدرات وخبرات تعودنا على احترامھم قبل اختلال منظومة القیم التي تحكمنا. فكانت أول ھذه القیم التي اختلت في مجتمعنا قیمة الاحترام التي كان یتصف بھا بلدنا، خاصة لمن ھو أكبر سناً، حیث كان كبار السن یشكلون مرجعیة للناس، كما كانوا مصدر القرار النافذ والمحترم، وكجزء من المجتمع .الإنساني المتحضر كنا نؤمن أن كبار السن ھم أصحاب خبرة متراكمة یرجع إلیھا الناس بفعل التجارب التي مروا بھا ومثلما كان كبار السن مصدر قرار نافذ محترم، فقد كانوا مصدر حكمة تنضجھا السنون، ومع الخبرة تتولد صفات كثیرة لدى كبیر السن أھمھا: المیل إلى العدل والإنصاف، المبني على القناعة، فكبیر السن غالباً ما یتحرر من الھوى ومن شھوات النفس ومن طموحات الشباب، لذلك قیل إن الأربعین ھو سن النبوة لأنھ سن النضج والخبرة وھما ما .نحتاج إلیھ في ھذه المرحلة من تاریخ بلدنا