الحكومة والمعارضة تبيعنا «قطاً في كيس»



ما الذي يحصل عليه المواطن من الحكومة ومن المعارضة على حد سواء؟ قط بري في كيس! هذا ما تريدنا الحكومة أن نشتريه من بضاعتها التي ردت إليها أكثر من مرة، وهذا ما يقدمه لنا أي معارض لا يمتلك أي برنامج سياسي حقيقي أو مشروع وطني متكامل، وتقتصر معارضته على الشتائم و»التهويش» و»البوستات» و»التغرديات» ومشاركة ما بات يعرف «البث المباشر».
لا زلنا ندور في نفس الحلقة ونفس دائرة التصريحات والوعود والأكاذيب، نمارس نفس الدور الملل الذي يبعث على الكآبة والسأم.
لا زلنا نطلق الرصاص على أقدامنا المرة تلو الأخرى لأننا لا نحسن التصويب ونخطئ غالبا في تحديد الهدف.
مسؤولون كبار كانوا جزءا من الدولة ومن القرار يعرضون أنفسهم كجزء من الصراع مع الدولة والحكم، يريدون أن يبقوا في السلطة ودائرة الضوء حتى يأتي الله بأمره.
البعض يصر على لعب دور دورية النجدة وكأنه وحده يدرك الخطر المحدق بالوطن والمواطن وبالأمة وبأن الآخرين قاصرون عن الفهم، أو كأننا في غفلة من أمرنا نسير في بحر لُجِّيٍّ.
الحكومة تعلن محاربتها الفساد لكن فسادها الإداري والخدماتي أكثر عمقا مثل غيرها من الحكومات، يدفع المواطن فواتيره إلكترونيا حتى يستفيد من العمولة حيتان هم جزء من الحكومة، وترفع أسعار الفائدة على القروض لتزداد أرباح ممثلي البنوك في الدولة وفي البرلمان، وتفرض الضرائب بشتى أنواعها وأشكالها من أجل أن تنفقها على الاحتفالات والمهرجانات وعلى دائرة الأصدقاء والتعيينات في المناصب العليا في مؤسسات وجودها عبثي ولم يعد له أي مبرر تنموي أو إصلاحي.
حكومات تتنفس من خلال سياسات اقتصادية متوحشة ومغرقة في التنظير والوعود «العرقوبية» التي تلعب على الوقت وتسوق الوهم، وتغرق في الفيضانات والكوارث الطبيعية طيلة هذا الشتاء.
الفروقات بين الحكومات السابقة والحكومة الحالية والحكومات المقبلة هي فروقات ميكروسكوبية، فالمديونية في ارتفاع، والاستثمار في تراجع مقلق، والضرائب تنهك المواطن والتاجر والمستثمر معا، والمساعدات أقرب إلى الابتزاز السياسي ومشروطة بمواقف سياسية، أو بأثمان باهظة.
نرفع الراية البيضاء أمام عجزنا عن إحداث أي تغيير أو زحزحة أو «حلحلة» الملفات العالقة منذ سنوات وكأن الشياطين ترقص حولنا.
من دون بكائيات، ومن دون تفاخر كاذب، وتراث «يا ويل اللي يعادينا وع الميدان يلاقينا»، وبعيدا عن التحريض والعنف والخيانة والطائفية والإقليمية ونزعة الوطنية الزائفة فإن جميع الاحتجاجات، محافظة أو إسلامية أو يسارية أو قومية أو مستقلة، ستلقى في سلة المهملات من قبل مسؤولين يرتدون البدلات الداكنة وربطات العنق المقلدة ويضعون عطورا رخيصة لطرد رائحة العرق من تحت إبطهم.
وحتى لا نضيع في السرد يبدو كما لو أن الدولة غسلت أدمغة كثير من الصحفيين والإعلاميين ومؤسسات المجتمع المدني والأحزاب والنشطاء حتى تكتفي بالصراخ على مواقع التواصل الاجتماعي، لتعود بعد وصلة الصراخ وحفلة «الحرد» و»الغنج» و»الدلال» إلى قواعدها الأولى في التسحيج والتطبيل والتزمير سالمة غانمة من خيرات الحكومة.
فيما يبدو بعض المعارضين على أهبة الاستعداد للوثب والانطلاق أمام أية إشارة ترضية من قبل الدولة للعودة من جديد إلى المنصب، يقبل دون شروط بالعودة إلى أرض مزروعة بالألغام بلا خارطة طريق.
عزيزي الوطني الذي أقصى طموحه أن يرى الوطن قويا، مزدهرا، مستقلا، عزيزا وكريما، شمر عن ساعديك ولا تصدقهم ولا تشاركهم وصلة الطرب فهم يغنون عليك.