لماذا ینقاد الأردنیون للغرف السوداء؟

وصفت في مقال سابق جوانب من خطاب الكراھیة، الذي تعج بھ وسائل التواصل الاجتماعي، وھو خطاب یعتمد على الإشاعات،ومعظمھا مفبرك من صناعة غرف سوداء متخصصة، قلنا أنھ لا یجوز أن نكون نحن إحدى أدوات نشرھا للمساھمة في اغتیال .رموزنا الوطنیة ومثلما أنھ لا یجوز أن نكون أدوات لنشر الإشاعات الھدامة، فإن الواجب یفرض علینا التذكیر أیضاً بثقافة التبین وتحري الحقیقة، التي أمرنا بھا ربنا عندما قال «فتبینوا»، فثقافة التبین أمر إلھي تكرر بأكثر من صیغة كذلك فإن سوء الظن والاتھام والاغتیاب بدون دلیل منھي عنھ شرعاً لقولھ تعالى «یا أیھا الذین آمنوا اجتنبوا كثیراً من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا یغتب بعضكم بعضا أیحب أحدكم أن یأكل لحم أخیھ میتاً فكرھتموه» على العكس من ذلك، فإن الله یأمر بتقدیم حسن الظن بالناس، فالأصل أن یظن الناس الخیر ببعضھم، لا أن یبحثوا عن عثراتھم وخطایاھم، أو یختلقوا لھم العثرات والخطایا، وقد قال المفسرون لھذه الآیة أنھ من غیر الجائز تتبع عورات الناس، والبحث عن سرائرھم، بھدف الظھور على عیوبھم، وفي الحالات التي یكشف فیھا خطأ أو عیب فیجب معالجتھ بھدوء وبعیداً عن التشھیر، كذلك فإن التجسس لإقامة الحد غیر جائز شرعاً، فقد امتنع الخلیفة العادل عمر بن الخطاب على شدتھ عن إقامة حد «السكر» على قوم عندما نبھھ الصحابي عبد الرحمن بن عوف أنھ تجسس علیھم، لیعرف أنھم یشربون، فما بالنا ننسى قیمنا الإنسانیة والدینیة، وننساق وراء سموم الغرف السوداء؟ عندي أن من أھم أسباب انسیاق الأردنیین وراء الإشاعات ھو غیاب الشفافیة في الخطاب الرسمي للحكومات، الناجم عن الغیاب التام لمنظومة الإعلام الرسمي الأردني القادر على تقدیم خطاب مقنع للأردنیین، وقبل ذلك العاجز عن إبراز إنجازات الدولة، والدفاع عن رموزھا، مؤسسات وأفرادا، وھما الغیاب والعجز اللذان مكنا الغرف السوداء من التمدد في فضاءات الأردنیین، والوصول إلى عقولھم، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وھذا سبب من أسباب انسیاق .الأردنیین وراء إشاعات الغرف السوداء إن غیاب منظومة الإعلام الرسمي الأردني، ومن ثم الخطاب الرسمي المقنع، ھو سبب ونتیجة في الوقت نفسھ، للحالة التي نتحدث عنھا، فسبب ما وصل إلیھ الإعلام الأردني ھو أن الدولة الأردنیة عاجزة عن حل أزمة الإعلام الأردني التي نتحدث عنھا منذ عقود طویلة، وھو عجز ناجم عن أسباب كثیرة، منھا عدم قدرة الدولة الأردنیة على وضع طباعة مع التعلیقات طباعة بلال حسن التل سیاستھا الإعلامیة، ومن ثم جھازھا الإعلامي في موقعھما الصحیح، في منظومة وھیكل الدولة الأردنیة، مما حول الإعلام الأردني إلى مشكلة ستظل مستعصیة، إذا ظل التعامل معھا یتم بنفس العقلیة، وسیظل الأردنیون أسرى الغرف .السوداء، وسیظل المسؤولون الأردنیون ضحایا ھذه الإشاعات وللحدیث صلة