اضاءة على كتاب عبدالرحيم ملحس (لماذا نحن هكذا)

فايز شبيكات الدعجه 


وأخيرا عثرت على أجابه مقنعة لذلك السؤال التي طالما كان يلازمني (لماذا نحن هكذا). كتاب بهذا العنوان عثرت عليه وانتهيت من قراءته حديثا للمرحوم الدكتور عبدالرحيم ملحس وزير الصحة والنائب السابق . كتاب يتحدث عن أسباب التقهقر العربي ضم في بين دفتيه أسئلة حائرة ثم بحث عميق فإجابات شافية وافية ووصفة جريئة للعلاج .وكانت تجربتة الذاتية الغنية وقائمة المراجع النفيسة والدراسات قد أثرت الكتاب وعززت نتائجه العلمية الدقيقة التي تحاكي كثيرا مما يحدث اليوم. 

تجدر الإشارة أولا إلى ان المؤلف هو ذلك الوزير الذي وصف بأنه الوزير الأشجع والاجرأ، وهو صاحب العبارة الشهيرة ( غذائنا ودوائنا فاسدين)التي أطلقها إبان كان وزيرا للصحة ،وواجهة على أثرها بصمود حربا ظالمة استمرت الى ان توفاه الله عام 2012م. ولم يكن بنطق حينها عن الهوى وإنما استند الى نتائج مخبريه قاطعة .
وتجدر الإشارة مرة ثانية إلى إن هذا الكتاب (لماذا نحن هكذا ...أسباب التقهقر العربي )قد تعرض للعديد من محاولات الإخفاء ورفضت إجازة نشره مرارا على مدى سنوات . لكنه موجود حاليا بصفة حصرية في مكتبة دار الشروق للنشر والتوزيع. 

مائة صفحة من الحجم المتوسط ممتلئة بالحقائق والاستنتاجات المبهرة ، لماذا نحن هكذا ؟وما الذي ذهب بعلومنا وكرامتنا وأرضنا وثرواتنا ؟ ولماذا استبد حكامنا بنا؟ ولماذا لا زال نصفنا امي يعيش خارج ضوء المعرفة ؟ولماذا يملك اقل من 5%من السكان أكثر من 80% من الثروات المحلية في اي بلد عربي؟ ولمن نكدس الأسلحة ؟ولماذا يتآمر العرب الرسميون على بعضهم أكثر من تآمرهم على عدوهم ؟ولماذا يعاملون الأعداء كأصدقاء والأصدقاء كأعداء؟ ولماذا خسرنا جميع حروبنا ؟ ولماذا يزداد الفاسدون في بلادنا ؟ولماذا تفشل حركات التحرر من الاستعمار واثارة في بلادنا ؟ولماذا نقول لا حتى لا نخسر شيئا ثم نتبعها بنعم لنخسر كل شيء ؟وما سبب هذه الهوة الهائلة بين الشعبي والرسمي ؟وهل نحن دول بها قبائل ام قبائل تملك دول؟.

في الأسباب استطاع المؤلف وصف الحالة والأسباب الراهنة والحالة المتدنية والحالة الراقية ، وبحث في القبائلية والثقافة العمودية والأبوية ، والثقافة القبلية وسلوكياتها ،والعلاقة بين القبائلية والقبلية، وثقافة الشعب العربي الأبوية القبلية وخطورة الثقافة القبلية.

ثم تطرق الى ثقافة الحاكم العربي ، ومضاعفات انعدام الشرعية ، وكيف ان أمراض الحاكم العربي هي نافذة لدخول المستعمر الأجنبي ، وتناول تناولا سلسا في ذات السياق المدنية والديمقراطية ،وفشل محاولات التغيير والمرجعية السيكولوجية والتربوية، والشخصية الأبوية والشخصية المدنية، وسمات المجتمع الأبوي والقبلي والمجتمع المدني .

واثبت الكاتب على نحو علمي دقيق أن مرض الثقافة الأبوية بالهوية يفسر جميع مظاهر الانحطاط الراهن ، واستطاع وضع مخارج من هذه الحالة البائسة بالاعتماد على قوى التغيير ، وبين وسائل تغيير الثقافة الشعبية ، وتغيير ثقافة الحاكم العربي ، وطبيعة العلاقة الخاصة بين الحاكم العربي والمستعمر الأجنبي، إلى أن وصل إلى ان وسائل التغيير بالعنف بالانقلابات العسكرية هي وسائل دموية وتقود الى حالة أبوية سلطوية جديدة ، واستخلص ان وسائل التغيير بالقوة باستخدام أدوات سلمية ووسائل الضغط الشعبية كالإضرابات والاعتصام وفضح فساد الأنظمة والمظاهرات وغيرها من الوسائل الآمنة هي الأنجع والأكثر فاعلية في إحداث التغيير.