الصحافة الأردنية في دائرة الخطر!

 

 


القول تندرا بأن الصحافة أصبحت مهنة من لا مهنة له، يرسو في ذهن المتابع ليصبح قولا مألوفا وليس مجرد نقد ساخر، يصف حالة من سعي لتشويه المهنة وأهلها، وتضييعها بين جدل الحداثة التكنولوجية والرغبة اللامنطقية التي تجتاح بعض الفاشلين للمعان ووهج كاذب.

بعضهم؛ الذين يمكن اعتبارهم منتَجا أو انجازا معبرا عن حالة من غياب وعي وقصور تشريعات وفساد وتلاطم أمواج رغبات، أولئك الذين رسّموا حدودا أخرى للوطن وللحقيقة، تحددها مصالحهم التي تلتقي مع أفكار وأجندات غير وطنية، قاموا بتقزيم الصحافة الأردنية لتناسب مقاس كائنات «الطفرة»، طلاب نجومية أو مال حرام، عبروا عن خيبتهم الكبيرة إذ لم يفلحوا في البقاء على قيد حياة شريفة.

نقابة الصحفيين الأردنيين التي تجاوز عمرها نصف قرن، والصحفيون أنفسهم، معرضون للضياع وربما الانقراض، بعد أن تلوثت المهنة والبيئة كلها بدخلاء، أصبحوا ينازعون أهل الاختصاص مهنتهم، ويحاربونهم في لقمة عيشهم، يحدث هذا حين صمت وربما رغبة ودعم رسمي لهؤلاء المعتدين، الذين أساءوا للناس وللمهنة، وتعاقدوا وتعاهدوا مع شياطين لتخريب السمع والبصر والفؤاد، وتضييع الحقيقة ورسلها !

عالم الانترنت الافتراضي الذكي، يسمح بأن يقيم فيه جهلاء، خصوصا عندما يزعمون أنهم خبراء وعلماء في التكنولوجيا والبيولوجيا والذرة ، علما أن حدود علمهم لا يتجاوز علم فراشة بمصدر ضوء يجذبها لكن الى انكشاف واحتراق، هذا العالم الذكي أنتج في مضاربنا مثل هؤلاء، فاقتنعوا منذ اليوم الأول عند استطاعتهم تشغيل جهاز كمبيوتر، أنهم حملة مشاعل التنوير والحقيقة، وإخراج الناس على طريقة «أهل الطريقة»، فضاعت الذائقة والحكمة والحقيقة، فبخمسين دينارا يصبح بإمكان أي شخص أن يكون صحفيا على طريقة هؤلاء، يمتلك صفحة على جهاز كمبيوتر، ويصبح عظيما خطيرا منيرا لا تحمله الأرض ولا يمكن أن يحتويه سقف السماء، فمنذ أن رأى إسمه على شاشة كمبيوتر ملك زمام النبوءة والتحريك والتبريك والشعوذة ..!

وبين فترة وأخرى، يحاول فقراء المهنية من الصحافيين أن يختطفوا دور النقابة ومنتسبيها من زملائهم، وهم أيضا يقبعون في درجة أدنى من المهنية والالتزام، وتتملكهم وتتحكم بهم رموز ورغبات (خريب أو لعيب) أو حب السيطرة، أو الظهور في (حسبة) مشبعة بالضوضاء والفجاجة وغارقة في البعد عن النظام والقانون، وكم من مرة حاولوا وقادهم طموحهم لأن يبنوا كيانات ويدشنوا ممثليات تجمع بعضهم، ليحتلوا مساحة تحت الأضواء، ويحصلوا على حفنة من نقود وإطراء، لكن من «طرشان» لا يكادون يسمعون أو يفقهون أو يلفظون قولا..

ولدينا مراكز مدعومة بالملايين من المال الحرام، العابر للقارات، يحركها ويوجهها رموز الصحافة الصهيونية الغربية، وجهلا بها وبهم يباركها رسميون وحكوميون، فيقدمون لها التسهيلات و»الرعايات»، لتمطر الوطن بتقارير ضد الأردن، وضد الحقيقة والحرية والمهنية والقانون، ولا يكاد يمر شهر واحد دون أن نجد فعالية لا يخلو اسمها من صحافة أردنية ومشتقاتها، تقوم بها تلك المراكز المدعومة بالمال الخارجي، ويحضرها ويرعاها رسميون، وفي نهاية الفعالية ينال الوطن والصحافة الأردنية شتيمة دولية، تقف في طريق مواقفه المشرفة، ويتم استخدامها لمزيد من ابتزاز..

وفي مؤسساتنا الإعلامية كذلك، وبقدرة قدير خبير، يصبح المراسل وعامل المقسم ومندوب المبيعات والسائق صحفيا عضوا بل نجما في نقابة الصحافيين الأردنيين، ويزاحم أهل الاختصاص بل يزاود عليهم بعد أن شعر بأنه ضخم وخطير وساحر ورقم صعب جدا !

نقابة الصحفيين الأردنيين بمجلسها الحالي المحترم، هم المسؤولون عن المهنة وعن أصحابها، وهم الجهة الوحيدة المخولة بالتحدث عنهم وحمايتهم من هؤلاء الدخلاء، فلتقم بواجبها وتضع حدا للتواطؤ الرسمي أولا، وحدودا وعقوبات على كل مؤسسة أو عضو في هيئتها العامة يسيء للمهنة وأهلها..

افعلوا؛ قبل أن تختفي المهنة والصحفي ونقابته !.