ثورة بوليفار مستمرة..

اتابع تطورات الوضع في فنزويلا ولا ادّعي الحياد، لأن هذا البلد اللاتيني اختار أن يكون شريكاً للعرب في الهم والمسار والمصير بشكل مطلق، كما أرى أن المشروع الأميركي أكبر من فنزويلا، وأهدافه تتجاوز الهيمنة على نفطها واسقاط نظامها الاشتراكي، فقد أعلنت واشنطن أن كوبا ونيكاراغوا وبوليفيا مستهدفة ايضا، وربما أبعد من ذلك. الرئيس ترمب خلق فوضى في اقتصاد وأمن العالم، هو يريد إعادة بناء نظام دولي بقطب واحد تقوده الولايات المتحدة وتسيطر على اقتصادياته، حتى أوروبا الحليفة لا يريدها شريكاً بل تابعاً على غرار مجموعة ليما وجمهوريات الموز. الملاحظ أن دونالد ترمب يسير على خطى ونهج رونالد ريغان، الذي وظّف الإسلام ضد المد الشيوعي، وأنشأ تنظيم القاعدة في افغانستان لمقاتلة الجيش الأحمر، كما وظّف الكنيسة الكاثوليكية في بولندا لفتح فجوة في الجدار السوفياتي كمقدمة لانهياره، كذلك ترمب، فقد استخدم دولا وفصائل دينية مسلحة متطرفة من سلالة القاعدة لتغيير انظمة عربية وتدمير اقتصادياتها وانهاك جيوشها، وهي المشروع الذي تم دحره في سوريا. اليوم يسعى ترمب لتصدير الفوضى والعنف والحرب الأهلية الى فنزويلا لاسقاط نظامها الاشتراكي، وقد ينتقل لمواجهة مع كوبا ونيكاراغوا وبوليفيا، إذا حالفه الحظ في كراكاس. الذي يشجعه على الاستمرار في خطته نجاح واشنطن في اسقاط حكم حزب العمال في البرازيل، وقد وجد ترمب طريقه في استنهاض المسيحية الكاثوليكية اليمينية المحافظة في أميركا اللاتينية من أجل التغيير. في فنزويلا المتأهبة، أرى أن تماسك الجيش ووعي الشعب سيفشل الغزو الأميركي المحتمل، وهو الغزو المدعوم من الفئة الرأسمالية والدينية اليمينية المحافظة التي تشتهي التبعية والعبودية. التاريخ يثبت أن تحرير أميركا اللاتينية يبدأ من فنزويلا، كما حدث في القرن التاسع عشر عندما قام سيمون بوليفار بتحرير أميركا اللاتينية من الاستعمار الاسباني وفي مقدمتها فنزويلا وكولومبيا وبوليفيا والبيرو وبنما والإكوادور. اليوم، بعض هذه الدول خان رسالة بوليفار وانكر فضله، وقام بمساعد الولايات المتحدة على غزو بلاده، خصوصاً دولة العصابات كولومبيا التي يلعب رئيسها دور «سمسار» الحرب على فنزويلا، وهو يعرف أن فنزويلا لعبت دوراً كبيراً إلى جانب كوبا وتشيلي في انهاء الحرب الأهلية الطويلة في كولومبيا، واجراء المصالحة بين الحكومة وحركة القوات الثورية الكولومبية (فارك) في العام 2016 ،وأن الرئيس مادورو كان في مقدمة من حضروا الاحتفال بتوقيع المصالحة في كوبا. المثير للدهشة هو أن الولايات هي التي تحاصر فنزويلا وتسببت بأزمتها الاقتصادية والاجتماعية جراء العقوبات، وبالتالي تأتي لتقدم المساعدات لشعب فنزويلا، الذي أفقرته الاشتراكية وروسيا، حسب تصريحات الرئيس ترمب، أنها عواطف كاذبة ودموع ميكانيكية وخداع مكشوف لتغطية أهدافه الخارجية وأزماته الداخلية.