طبول الحرب الثالثة

تتجمّع يومًا بعد آخر مؤشرات حرب عالمية ثالثة. حرب حقيقية نووية صاروخية، حطبها ثروات المنطقة، وقودها دماء عربية، وهدفها اقامة «الامبراطورية الصهيونية الكبرى» على الارض العربية.
قدر المنطقة العربية أن تكون منطقة صراع وأطماع الامبراطوريات المكتملة كالرومانية والاغريقية، ثم البريطانية والفرنسية ضد العثمانية، وغير المكتملة كالاسرائيلية الصهيونية و الطرف الفارسي من الجمهورية الاسلامية الايرانية.
نسمع الان طبول حرب «محو اسرائيل» و»تدمير تل أبيب وحيفا» من طهران، ومن تل أبيب نسمع «القضاء على «الجمهورية الاسلامية الايرانية» كما هدد مؤخراً رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو «بأن تكون هذه آخر ذكرى تحتفل «الثورة الإسلامية» في حال قررت طهران مهاجمة تل أبيب أو حيفا واصفاً هذه الخطوة الايرانية بالخطأ المروع.
تهديد نتنياهو جاء رداً على تهديد نائب قائد الحرس الثوري الإيراني إسرائيل بأن تمحى تماما في حال قررت أن تشن حربا على طهران. وفي وقت سابق، الإثنين الماضي، احتفل مئات آلاف الإيرانيين في طهران بالذكرى الـ40 لـ «انتصار الثورة الإسلامية». وخلال الاحتفال هاجم الرئيس الإيراني حسن روحاني كلا من الولايات المتحدة وإسرائيل. وكتب المتظاهرون على بعض اللافتات «الموت لإسرائيل» و «لن تعيش إسرائيل 25 سنة أخرى»، وأحرقت أعلام أمريكية وإسرائيلية. و رفع متظاهرون لافتات قطعت على هيئة كلاب. وحملت إحدى اللافتات وجه ترمب وحملت أخرى وجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
نسمع مثل هذه التهديدات منذ سنوات وكانت اقواها على لسان الرئيس الايراني السابق أحمدي نجاد، أما نتنياهو فقد كان القضاء على التهديد الايراني أول أولوياته منذ تسلمه رئاسة وزراء اسرائيل المرة الاولى في أيار عام 1996. لكن هذه المرة يبدو ان التهديدات جدية بوجود رئيس اميركي يخضع بالكامل لضغط اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة.
يقول القس الاميركي ريك وايلز في برنامج على محطة «Tru News « اسرائيل ستقودنا الى حرب عالمية ثالثة اذا استمرت في سياستها الحالية. لم أكن معجباً بباراك أوباما أو وزير خارجيته جون كيري.لكن اقول الحمد لله أن أوباما و نتنياهو لم يحبا بعضهما ولم يكونا على علاقة جيدة. لأن نتنياهو اراد من اوباما ان يشن حرباً على ايران وظل يدفعه في هذا الاتجاه على مدى ثمان سنوات. فأوباما لم يكن من ذلك الطراز الذي يحب الحروب. لكنه كان يحب الثورات ويحب محاورة المتظاهرين في الشوارع . لقد نجح في ادارة الثورات لا الحروب. لقد ادار ثورات ما سمي الربيع العربي وبموازنة مالية كبيرة بنجاح. وما يجري اليوم في سوريا ودول عربية اخرى من صنع أوباما.
إن ما سمي «الثورات» العربية أقصى ما تحصل عليه نتنياهو من أوباما لكن ترامب احاط نفسه بالصهاينة، في مقدمتهم صهره جاريد كوشنر ومجموعة من الصهاينة المتشددين منهم نائبه مايك بينس «الصهيوني اكثر من الصهاينة « حسب تعبير الصحفي الإسرائيلي، إسرائيل هاريل، المتحدث باسم المستوطنين، حيث أشاد بخطاب بنس الاخير في الكنيست مستشهدا في مقال بجريدة «هآرتس « بمقتطفات من خطاب «بنس» في الكنيست: «في قصة اليهود، لقد رأينا دائما قصة أمريكا، إنها قصة النزوح، رحلة من الاضطهاد إلى الحرية، قصة تظهر قوة الإيمان ووعد الأمل»، واصفًا إياها بـ»السيئة والمُحرجة». وقال بنس، إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب صَحح خطأ عمره 70 عامًا، في إشارة إلى الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
ماذا عنا نحن العرب؟ هل حقاً اننا امام خيارين، اما التحالف مع ايران واما التحالف مع اسرائيل؟ قطعاً لا فترتيب الاولويات هو الاساس، ولا بد ان ثمة خياراً ثالثاً هو أن نكون مع تاريخنا ومصالحنا وقبل كل شيء مع... أنفسنا!