زمن لا يستحق المديح !!

الكتابة لا تليق بالزمن العربي الراهن، فقد اختلفت اللغة والمواقف، حتى طالت قضية
الشعب الفلسطيني، التي كانت وستبقى جوهر الصراع العربي الاسرائيلي، رغم الحاضر
الفلسطيني الذي ليس فيه ما يستحق المديح سوى الصمود، وهو مشكلة ومأزق الاحتلال
اليوم وغدا والى الأبد.
في الداخل الفلسطيني حدث انقسام، ولكن الاخطر هو ما يحدث نتيجة انفصال الواقع عن
الزمن الذي تركناه لنتنياهو كي يتحكم بمسار المستقبل. في الصباح الباكر، كما في
مساء كل يوم أقرأ على شريط الاخبار عن اعتقال عشرات الفلسطينيين، واغتيال اطفال،
واسرى يحتجون على البطش والقمع وانتهاك حقوق الانسان، بوجود سلطة لا سلطة لها،
ودولة لم تقم بعد، ومؤسسات تعمل تحت رحمة الاحتلال.
بصريح العبارة تحولت الأراضي الفلسطينية الى سجن كبير يحاولون تجميله بأسماء ورموز لا تعترف بجفاف المخيلة، كما  يحاولون تمويه هذا الواقع بصورة الحنين المريح، لأن يقظتهم دخلت في غيبوبة. واذا كان هناك من رضي بهذا الواقع، هناك من يرفض هذا الحاضر الذي نسف كل البدايات، وتمسك، وما زال بالطريق والهدف. بالمقابل نرى نتنياهو يتحدث عن السلام ولكنه يسعى الى اشعال حرب وشيكة يتمناها من أجل تغيير خارطة التحالفات في المنطقة،بحيث تصبح اسرائيل حاضرة في الواقع العربي الجديد حتى العمق. كذلك أراه مستمرا في لعبة القفز على الحبال، فيراوغ ويناور ويتلاعب بالكلمات ولن يكف عن الخداع في توظيفه لحظات الضعف في الزمن العربي الرديء، فهو يجس نبض العالم الصامت لتحقيق حلمه القائم على الخرافة وتزييف التاريخ، ولاعتقاده أنه قادر على التحكّم بمسار المستقبل، كما انه يعمل على مدار الساعة لتنفيذ مشروعه الكبير القائم على التهويد والاستيطان والتهجير خصوصا في القدس وما حولها، وكافة الاراضي المحتلة. في خضم هذا الواقع، حيث يسود الاعتقاد الاسرائيلي بأن ضمان بقاء اسرائيل هو المزيد من القتل والاعتقال والتهجير والدم الفلسطيني، لا بد من صرخة نسمعها فجرا تكسر الصمت العام في هذه الارض التي كتب تاريخها بالوثائق والبنادق. هذا الشعب الصامد الصابر في فلسطين التاريخية، سيتصدى لمشروع التصفية والتهجير، بعد انهاء حل الدولتين وتعذر تحقيق السلام في فلسطين. وهنا تحضرني عبارة قالها صبي فلسطيني من مخيم شعفاط لصحافي اسرائيلي :«يا أحنا.. يا أنتو.. واحنا مش مستعجلين ». هذه العبارة هي «صفعة كبرى» ترعب الاسرائيليين وتقلقهم أكثر، لأنهم راهنوا على موت الجيل الأول ونسيان أبناء الاجيال الجديدة لقضيته، لكن الثابت أن الجيل الجديد لن ينسى ولن يغفر..