حين تكون فلسطين تجارة

 

حين تكون فلسطين تجارة..!

 

في يوم الجمعة السابق الموافق السادس والعشرون من رمضان ومن الصباح الباكر تراجعت قوة من العدو الصهيوني مئات الأمتار جنوبا مبتعدة عن الحدود الفلسطينية اللبنانية وحلت قوات من الأمم المتحدة على الشريط بكثافة اكبر وانتقلت بعض العناصر من حزب الله الى مشارف بلدة مارون الراس  حيث تم تجهيز مكان الاحتفال يوم القدس وبكل هدوء ورتابة.. هنا كراسي السادة وهنا كراسي الضيوف وهنا الشاشة الكبيرة ومن هنا سيمر القادة...

 

كل تلك الترتيبات مرت بهدوء عجيب في الاحتفال الذي أقامه حزب الله على حدود فلسطين الشمالية ليتم فيها إطلاق البالونات الكلامية والصواريخ الصوتية باتجاه الجنوب..

 

تغنى حسن نصر الله بسوريا ودورها بالحفاظ على القضية الفلسطينية وأقسم بأغلظ الأيمان والسبابة في وجوه الحاضرين بأن لولا سوريا لضاعت فلسطين..!.

 

 وهنا نقف أمام أحجية الشاطر حسن.. فكيف لم تضيع فلسطين والقضية معا لغاية الآن..!؟ والمستعمرات تأكل كل شبرا لا يقف عليه الفلسطينيون وحدهم بصدورهم العارية ليحموا ما تبقى الأرض وعروبتها.. والسادة (المقاومون) يتناوبون الميكروفونات في ساحات الضاحية الجنوبية وسنابس (في البحرين) ودمشق وطهران لكي يتاجروا بأحذية الأبطال في فلسطين.. كيف لم تضيع بوجهة نظر السيد حسن..!؟

 

 هل كان يقصد السيد حسن أن لولا دور سوريا والمقاومة المزيفة لضاعت فلسطين من أيدي الكيان الصهيوني..!؟، وضاعت تجارة دول (المقاومة والممانعة) بفقدانهم (البضاعة)..!؟، وهذه اقرب للحقيقة عند قراءتنا لكيفية سرقة الثورات وتجيرها وتمييعها وتحويل مساراتها من التزام التحرير والوحدة مع الشعب والكيان العربي الى  المقاومة الملتوية باتجاه الدفاع عن المشروع الفارسي في المنطقة، حيث كانت تتم عملية اختطاف للثورات الوطنية التي كانت تنبت من رحم الشعوب للتحول فجأة الى حراس للمشروع الفارسي برعاية سورية بعد استقطابها بالمال والمكان الآمن والدعم الإعلامي ليتم سحب البساط من تحتها وينزع استقلالها فتتحول بالنهاية  الى فروع رديفة لمكاتب الخراب في طهران ودمشق والضاحية الجنوبية.

 

 تلك العملية كانت تتم بمنهجية خبيثة أدت الى إسقاط بعض الفصائل الفلسطينية وكذلك بعض فصائل المقاومة العراقية في الحضن المقاوم المزيف، ليضاف ذلك الى رصيد الجبهة الممانعة والمقاومة المكتنز بجهودهم الكبيرة في تخريب انتماء الجيش السوري (والمقاومة) اللبنانية وتحويل جنودهم  الى ماكينة مجنونة  لقمع الشعب السوري واللبناني والفلسطيني بدلا أن يكون جيش لتحرير الجولان وفلسطين. 

 

 والاحتمال الآخر أن فلسطين لم تضيع لغاية الآن..!! والله اعلم أين هي فلسطين التي يقصدها حسن نصر الله التي لم تضيع بسبب (المقاومة) والممانعة..بالتالي هناك ضياع سيكون اكبر إن لم نسلم بدور سوريا والمقاومة الكرتونية ونترك لهم الحبل على الغارب ليقوموا بتحرير فلسطين التي نعرفها  عبر الكويت والبحرين وحمص ودمشق ونجران..

 

هذه المجموعة التي تأبطت فلسطين تجارة رابحة لبضاعة طاهرة بأيدي نجسة قد تناست أن التاريخ لا يمكن أن يشطب بخطاب.. فدور الثالوث المحتال (طهران وسوريا وحزب الله) بحق الشعب الفلسطيني والشعب العربي قاطبة  يعرفه الصغير قبل الكبير.

 

فالنظام السوري لا يستطيع أن يمسح مؤامرة تسليم الجولان ومذابح تل الزعتر وصور وصيدا والانسحاب من البقاع في اجتياح عام 1982ومذابح الجبل من ذاكرتنا بخطاب، وحركة أمل (الأم الشرعية لحزب الله) تجاوزت  الحيادية السلبية الى استعداء الشعب الفلسطيني مباشرة.. فأفراد  حركة أمل في الجنوب  أصبحوا عماد جيش سعد حداد العميل في الثمانينيات  ونساء الحزب في قرى الجنوب استقبلت الاجتياح الإسرائيلي بالرز والورود عام 82 مترافقا ذلك مع انسحاب القوات السورية بلا طلقة واحدة.

 

وكذلك قامت قوات حركة أمل خلال أعوام 85 ولغاية 88 بمذابح الجبل بحق الفلسطينيين وبمساعدة راعية المقاومة سوريا لتقتل أكثر من ثلاثين ألف شهيد خلال أربع سنوات..وبعد أن انحرقت ورقة حركة أمل وأنكشف دورها خرج من رحمها حزب الله ليكمل (المقاومة) الصوتية بحق فلسطين وبالمقابل يمنع الثوار الفلسطينيين من الاقتراب من الحدود الشمالية لفلسطين من خلال الجنوب وبحجة حصرية المقاومة بيد حزب الله.

 

تلك التجارة استغلها أيضا بعض الخارجين عن الأعراف الذين لا يعرفون من فلسطين إلا أنها بضاعة لأسيادهم في طهران والضاحية الجنوبية.. فوقفوا بنفس الوقت في منطقة غرب المنامة في البحرين في منطقة (البلاد القديمة) يحملون الأعلام الفلسطينية والبحرينية ويهتفون بسقوط النظام ويتنادون بتخريب البحرين نصرة لفلسطين..!!، مكشوفة تلك اللعبة التي يلعبها معممو الظلام وتجار المقاومة بالصوتيات والمرئيات..

 

فلسطين بريئة  من كل تجار المرحلة،  ورايات البحرين وفلسطين وكل رايات العروبة كانت رهينة في أيديهم ولو جاز لها أن تنطق لبصقت على كل تجار الخراب الذين يتاجرون بفلسطين لتسليم البحرين والوطن العربي  الى معمي الظلام في طهران.

 

فخلال هذه السنوات التي مارست بها سوريا وحزب الله حصرية الممانعة والمقاومة.. قام العدو الصهيوني بعدة  مجازر ومذابح واجتياحات  بحق الشعب الفلسطيني ولم نسمع من هذه المجموعة الممانعة والمقاومة (سوريا وحزب الله وطهران) سوى أناشيد اللطميات وخطابات من  خلف الشاشات..  بنفس الوقت الذي كان شعبنا الفلسطيني في ربوع الوطن يقاوم بأجساده الدبابات والرصاص الحي والاجتياحات كانت الأنخاب تدق بين الضاحية الجنوبية ودمشق وطهران وتل أبيب،  ففلسطين هي كلمة السر التي اجتمع عليها المشروعين الصهيوني والفارسي  لسحق الجميع وهي (فلسطين) بريئة منهم ليوم الدين..

 

جرير خلف