قصة قصيرة - المتسائل بنعم

 

قصة قصيرة / احمدمحمدجلبى                  المتسائل بنعم

 ـــ:قد لا يسمح لك الوقت بالتفكير؟ قالها وهو ينهى المقابلة، سرحت بعدها الى ماذا يرمى بلهجته تلك الاسكندرانية ،القرار قرارى فى النهاية وفوق ذلك فأن فريق العمل لدى له رأى ايضاً، ربما يراهن على امتيازات فى باطن الموضوع لم اللحظها من كلامة !! دوائر متصلة ومتشعبة كنت افضل لو أن نظيف ارسل شخصاً اخر اكثر نظافة من هذا ،اكثر صراحة ومباشرة،لكنهم ارسلوه فى النهاية ،كل مواصفاتة انه من داخل المطبخ ،يعرف بالقرارت قبل صدورها ،تنبهت الى انه شخص هام وخطير وان كانت شخصيته المتعجرفة لم تعجبنى ،بل ان ما يقوله خطير فعلاً،كانت اتصالاتى سريعة ،الليلة اجتماع هام للمكتب السياسي للحزب .. لدينا عروض ينبغى ان نناقشها ..لا،لا اعتذارات ، الامر عاجل ،تركت السكرتارية لأمور الاعداد وانصرفت لغداء عمل معد مسبقاً ولا يمكن إلغائه،انه احد الوزراء السابقين الذين اعتبرهم من دهاقين السياسة ،تهلل وجهه حين برزت من خلف احد الاعمدة القريبة منه ،دائما ما يحب الجلوس خلف ساتر،عاجلته بمد يدى بالمصافحة قال :حسبت انك لن تأتى اوعلى الاقل تتأخر؟ اجبت: وهل هذا معقول، معاليك وميعادك لهما قدسية خاصة لدى . ألقى كلماته بحذر: ربما لأن زائرك اليوم (طرش) العرض وانصرف سريعاً،ركزت أنظارى على وجهه ثم    قلت:معاليك على علم بأمور هامة لمَ اذن لم يحادثوننى فى التلفون بدلاً من تلكمُ الرسل المستفزة، ضحك كاشفاً عن تعالية :المكالمات يتم تسجيلها لقد كنت كما تعلم متجسس قديم ،عموماً انصحك بالقبول ،معانداً: القبول او الرفض يتقرر فى اجتماع الهيئة التنفيذية الليلة ، مستغرباً مسلكى :معقول ،الست رئيس الحزب يابدوىوكل الامور مرجعها اليك،مع هزات من رأسى:نعم ،نعم ولكن هذا امر اكبر من سلطاتى،المشاركة فى الانتخابات من عدمها الثمن الذى سوف ادفعه شخصياً وقد اخسر بضعة ملاين ،سمعتى السياسية.. قاطعنى بلهجة ابوية لا تناسب كلانا:اغفر لى يا ولدى مرة اخرى،ماهى سلطاتك بالضبط اذا كان امراً كهذا يخرج عنها سامحنى فأنا من زمن المركزية فى الحكم !! ــ: تقصد معاليك دكتاتورية اتخاذ القرار ؛فنحن كما تعلم سيادتكم لم نحكم حتى الان اوحتى نشترك منذ اكثر من ثلاثين عاماً،هرش بالاصابع جزء من (صلعتهُ) : اقبل الامر دون نقاش وفلسفة استشارة مجلسك هذا،فكلما كان عدد اقل يعلم بألاتفاقيات المعقودة من تحت الترابيزة كلما كان ذلك افيد لك ولنا ــ: والثمن الذى علي دفعة من مالى الخاص لشراء الدستور وفصل رئيس تحريرها وقد استرد اولا استرد مالى ــ:هذة صفقة ،سوف لن تخسر شئ يا بدوى اعدك بذلك ثم انظر من زاوية اخرى الدستور صحيفة وصوت ينضم لك فى المعركة الانتخابية (2010)،بل سوف يهلل لك اقطاب حزبك لأنك تزيدهم قوه..قاطعته ببطء التفكير ــ:اذن استشيرهم كما قلت لك ويكونون على...بحدة:لا،لا نريد ان يعلم احد اويتسرب الخبرقبل الانتهاء فعلاً من ما هو مطلوب منك. محاولاًالسيطرة على رفضة:فات الوقت معالى الوزير فقد تركت اوامر بالاعداد لاجتماع الليلة ،فى تجهم:انت تخاطر بأفشال الموضوع هذا الامريجعلنا علي الحافة وانت تعلم ان ذلك ليس من السياسة فى شئ ؟قلت مندفعاً: معاليك لم تسألنى عن التفاصيل حتى ترانى قبلت او رفضت كل ما اردته استشارة اللجنة المركزية للحزب،فالصفقة محيره ايضاً ؟ 

ــ: لا حاجة لى بمعرفة التفاصيل يكفى ان أمين التنظيم عز يقيم تحالفاً معك من الباطن (مقاول ومعتاد على ذلك) مندهشاً: ضد من ؟ ــ: لا يهمك ضد من ،المهم انه يدفع لك جزء من رصيده الشعبى لتأخذ عدد من المقاعد التى للأخوانين وسوف يساعدك على ذلك بجماهيريتة ، مستغرباً قناعاته: نعم وهل له رصيد جماهيرى حقاً ليدفع لى احضر المترودوتيل القهوة وانتظر اوامرنا وحين انصرف عدت اقول: تعلم معاليك اننى غير رئيس الحزب السابق ،انتخبت ولم انتزع القياده..اسرع يقول :لا تنزه نفسك فمعلوماتنا كافية عنك وهذا العرض لأنك غيرهُ فكر فى القبول فالنفوذ لا يأتى بغتة بل هو ثمرة نضال ونجاة من السكتة السياسية الا ترى كم خسرتم طوال العشرين سنة الماضية . كان الغداء يأخذ طريقة للمائدة ،توقف الكلام وانطلق فى رأسى طابور طويل من المعطيات ،اجاد التلاعب بى يعلم بكل تأكيد تفاصيل الاتفاق وهو ضالع فية بشكل متكامل،لم يثر الموضوع من جديد،احترم رغبته فى الوقوف عند هذا الحد والكره فى شباكى ،رفع رأسه بغتة:عيناك تفضح ما يدور فى سريرتك ،الحافز غير واضح والمقابل شفهى ربما لا ينفذ عند صناديق الاقتراع ، لم افوت الفرصة هتفت: هو ذاك والله انت تأخذها من طرف لسانى ، ضحك: هذة مراهقة سياسية لا تليق منك،لا احد يحمل رسالة كهذة للعبث معك،انةاتجاة مؤكد وانت فارسه المختار ؟ ــ: تخيفنى درجة تأكدك ،انه ليس اسلوبك الحذر المحتاط .

ــ:كان ذلك فى الماضى أما الان الامر واضح للأعمى،اقبل هذة نصيحة سياسي عجوز عاصر كل الراحلين ويعرف الفرق بينهم تماماً!! كان محقاً فقد كان اشتراكياً وانفتاحياً وبرجماتياً وانغلاقياً لو لزم الامر ،الا انه تركنى حائراً،احاول الان  فهم الى اين تلقى بى المتاهة،جاء ميعاد الاجتماع ،الان علي الاقرارانه عرض لا يرفض جاء فى توقيت نموذجى والمخاطرة برفضة من وأحد او اثنين من الشماليل فى المجلس وارده،ثم يتسرب الخبر وتفشل الصفقة ،انه علي حق هذة المرة ايضاً،السؤال الان هل ارد بعد الاجتماع فيظهر الامربألكذب علي اننى اخذت موافقة سرية مع التزام الصمت التام ام قبلة فأظهر كمن خضعت لطلبهم بل لارغامهم آياىبالانفراد بالقرار ،ترجلت من سيارتى الحمراء امام الباب الخلفى وتسللت ليفاجئ الجميع بوجودى وسطهم بينما تلتقط اُذناى كلمات من هنا وهمسات من هناك، مضى المؤتمرون يناقشون الامور العاجلة بسرعة وسط جو صارم متحفز،هناك من يتوقع ان اطرح أمر التفاهمات مع حكومة الوطنى إذ كلما تحدثت أشبت لى الاعناق وانصطت لى الاذان وجحظت العيون،كدت ابوح بالامر اكثر من مرة واخذ التصويت علية ،جبنت على المخاطرة،اعاد سكرتير الجلسة تلاوة ما اتفقنا علية من قرارات،تعمد ان يذكر كلمة اننا متفقون مع الحكومة (اكثر من مره) فى عدد من القضايا ،كوتة المرأه تقسيم الدوائر...الخ ،علق احدهم هازئاً وبنبرةً مستفزة :يعنى نحن فى مرحلة المهادنة والمصالح اللى بتتصالح ؟؟ ودون وعى هززت رأسي هزات متوالية،انتهى الاجتماع وذهبت لمكتبى يتبعنى عدد قليل من الانصار وقد انفض الجمع بصورة غير طبيعية،فى لحظة غيرت اتجاهى واخترقت الانصار عائداً لصالة الاجتماعات الكبرى وكأنى نسيت بالقاعة شئ ،لادخل الحمام الملحق بها ،كان بالقرب من المبولة يتحدث من هاتفة بصوت واضح هادئ النبرات : لا لم يعرض الامر على الهيئة التنفيذية ..موضوعات عامة وشائكة ولم يأخذ اى تصويت،الشئ الوحيد الذى ابدى فيه موافقة غير مباشرة ،نعم لا زلنا فى مرحلة الغموض ،انسحبت بخفة قط ،الكلام واضح ،انهم ينتظرون الرد المباشرالان سوف انفرد بالقرار كما كانوا يريدون ،اقنعت نفسى فالمطلوب منى بشكل شخصى وليس من الحزب اىمطالب لاتعديل مواقف ولا تعاون، لا زلنا حزب معارضة ،الواضح اننى فى مأزق القرار الأصعب،مد الليل ارجله الخلفية لتجسم على صدري ،سوف لن ينتظروا للنهاية ،هناك تربيطات تتم سواء رفضت او قبلت والواقع يفرض سلوكه علي ، امسكت بالهاتف وحين بدت نبرات الطرف الاخر تلوت:نعم ،نعم اقبل ،نحن نقبل ذلك ،نعم بالطبع استشرت المقربين لى فى المجلس ،نعم هناك عدة وعود نريد ان نتكئ عليها ،نعم شفهى ،كلمتكم عندى ميثاق تحالف مقدس ، نتقابل اين ومتى....اودعت السماعة ويداى مبللتان بالعرق والخجل كان شعورىينتفض من الاحساس بأننى لم اجد المناورة  ، نعم ها قد انزاح الكابوس الاسود ،الازال لدينا فرصة اخرى؟؟

قصة قصيرة /أحمد محمد جلبى

باحث – معهد البحوث والدراسات الافريقية

  جامعة القاهره