التشكيك بالأردن!

عد نحو مئة عام على تاسيس الدولة الاردنية، ما زلنا نطالع او نسمع بين الحين والاخر، تشكيكا في ان الاردن لايصلح ان يكون دولة، او لم يعد دولة بالمعنى الحقيقي لمواصفات الدولة المتعارف عليها. وبالطبع لايخلو هذا التشكيك في معظمه من اهداف سياسية خبيثة مغلفة بدعاوى الحرص على الاردن وضرورة الانتباه الى مقومات الدولة والحفاظ عليها. وهذا التشكيك ليس جديدا، انما كان ولايزال يخبو احيانا ويطفو على السطح احيانا اخرى، وفقا للظروف وقدرة الدولة على فرض هيبتها بقوة القانون على قطاعات من المجتمع. وهو امر ظل يتكرر عبر العقود الماضية دون ان تتنبه الدولة الى ضرورة وقف هذا التشكيك الذي لاتشهده اية دولة في المنطقة. ولغايات التصنيف لا التفريق في الاسلوب والاهداف، فانه يمكن وصف جهات المشككين بما يلي: ـ فئة جاهلة بالمردود السلبي لهذا التشكيك على الدولة والمجتمع. فئة اخرى خبيثة تريد هدم الكيان السياسي الاردني وتقويض أسسه ومقوماته، لعلها تقيم كيانا آخر كالوطن البديل مثلا.... وفئة ثالثة لاتعرف معنى الدولة بمفهومه العلمي، وانه يتكون من ثلاثة اجزاء رئيسية هي السلطة والارض والشعب، وكل هذه العناصر تتوفر بقوة في أسس الكيان الاردني ولايمكن التشكيك فيها. ولاشك في ان الجهل يتبدى بوضوح لدى بعض الفئات، عندما يخلطون بين معارضتهم للحكومات بمعارضتهم للدولة، دون ان يفرقوا بين الحكومة والدولة. كما ان البعض يستغل بجهل ايضا، حادث شغب او مطالبة هنا اوهناك بتحسين مستوى المعيشة بالهجوم على الدولة والتشكيك بقوتها وقدرتها، متجاهلين ان المسائل المتعلقة بالتظاهر لاسباب مختلفة، هي شيء طبيعي يحدث في كل دولة. فها هي فرنسا الدولة العظمى تشهد مظاهرات لاصحاب السترات الصفر منذ عدة اسابيع. وكذلك السودان والمغرب والعراق وتركيا ولبنان، عدا عن تدمير الكيانات السياسية في ليبيا واليمن وسوريا وغيرها، وكل ذلك يقع في دائرة المطالب الاقتصادية والسياسية مما يجعل من ذلك تحركات طبيعية تخبو وتظهر بين الحين والاخر. وطوال المئة عام التي مضت، اثبتت الاحداث ان الاردن قادر على مواجهة التحديات كدولة لها اسسها القوية واذرعها الحكيمة وقيادتها الشجاعة، التي كانت تمضي في الاردن من نجاة محققة الى اخرى، بينما اطاحت الاحداث بدول وانظمة اثبتت هشاشتها. وعدم قدرتها على المواجهة. فالدول القوية اجتماعيا وسياسيا ويديرها نظام فعال هي وحدها من يستطيع النجاة مما حدث. وكل ماحدث بنتائجه الطيبة في الاردن وعليه، كان ابلغ رد على المشككين. وليس دفاعا عن الاردن او محاولة لاثبات انه دولة، فالاثبات قائم بالحقائق وليس بتصور وجودها كنوع من الدعاية والكلام المنحاز، ولذا نقول مايلي: اولا: لدينا سلطة راسخة لاتقبل الجدل منذ نحو مئة عام وستستمر ان شاء االله، وتلك ميزة ليست لدى اي دولة ثانيا: للاردن مساحة من الارض تساوي مساحة اربع دول او خمسة من بعض دول الشرق الاوسط، وتلك ميزة اخرى. ثالثا: في الاردن مجتمع متماسك خال من التناقضات واسباب التفكك. مجتمع لاطائفي منتم لبلده، يعرف اهمية المحافظة على كيانه السياسي، ومستعد للعمل اكثر من ذلك، كأن يحمل السلاح للدفاع عن دولته. ورابعا سيادة الدولة الاردنية مصونة، وحسابات المحافظة عليها بنتائجها، لاتقل عن اي دولة في المنطقة بل افضل من معظمها. هذه هي مقومات الدولة التي يحظى بها الاردن، باعتباره دولة كاملة المواصفات. واي تشكيك بهذه المواصفات او بالاردن كدولة، لايصنف الا على انه ينبع من جهل او حقد اسود يثير الاشمئزاز والغضب لدى كل مواطن اردني شريف وواع لأهداف هذا التشكيك وابعاده السلبية، القريبة منها والبعيدة.