كم انت كبير يا مهانير


في الوقت الذي تهرول بعض إطراف النظام العربي للتطبيع وإقامة علاقات مشبوهة مع الكيان الإسرائيلي المحتل لغاية في نفس يعقوب وكوهين ويتسابق بعض زعماء الدول ووزرائهم للسلام على نتنياهو والتقاط الصور التذكارية معه دون وجل او خجل وفي غير مناسبة وكأن لسان حالهم يقول " انكحتك نفسي على سنة جاريد كوشنر ودونالد ترامب " وبينما أيضا تفتح دول عربية أخرى ذراعيها لوفود إسرائيلية بحميمية بالغة رفض قبل مدة قصيرة رئيس وزراء ماليزيا العظيم الدكتور مهاتير محمد بكل صلابة وإصرار استضافة وفد رياضي إسرائيلي للمشاركة في بطولة الأولمبياد الدولية لذوي الاحتياجات الخاصة للسباحة البارالمبية للمتأهلين في بطولة طوكيو للألعاب البارالمبية والتي كانت ستقام بولاية ساراواك شرق ماليزيا في 29 تموز/ 2019 قبل إلغائها ورغم مناشدة اللجنة البارالمبية العالمية لإيجاد حل لهذا الخلاف في زمن الرضوخ والتبعية والذلة والخوف كانَ مهاتير حاسِمًا في مَوقِفِه ولم يَرضَخ مُطْلَقًا للضُّغوط الإسرائيليّة والدوليّة مَعًا
وقد جدد وزير خارجيته سيف الدين عبد الله التأكيد على أن الحكومة اتخذت هذا القرار لإظهار موقفها الصارم اتجاه إسرائيل وتعبيرا صريحا في القتال نيابة عن المظلومين في فلسطين وقال مهاتير إذا كان الرياضيون الإسرائيليون مصرّين على المشاركة في البطولة فهذا يُعتبر خرقاً لمبادئ السياسة الماليزية وأشار الى ان الجهات المنظِّمة للبطولة إذا أرادت سحب حق الاستضافة من ماليزيا فيمكنها فعل ذلك وأن بلاده لن تستضيف أية فعاليات جديدة يشارك فيها الكيان الإسرائيلي وتحتفظ بحقها في منع الإسرائيليين من دخول البلاد وعندما يُدينها العالم لهذا السبب فان لديها الحق في أن تقول له إنك تُنافق وأن ماليزيا ليست معادية لليهود ولا معادية للسامية مثل هذه المواقف المشرفة والشجاعة لا يفعلها إلا الرجال الأحرار ( إلي شورهم بزورهم ) إما فصيلة الذكور فهم كثير لكنهم كغثاء السيل
والمُؤسِف جدا أنّ هذه المَواقِف المُشَرِّفة لرجل الرجال الدكتور مهاتير محمد تأتِي في وقت تَقصِفنا فيه أنباء التَّطبيع العَربيّ الرَّسميّ مع دولة الاحتِلال الإسرائيلي مِن كُل الاتِّجاهات بعدما حرقنا مراكب العداء والمواجهة معها فَلا يكاد يَمُر يَوم دُونَ زِيارَة فريق رياضيّ إسرائيليّ لعاصِمَةٍ عَربيّةٍ أو مُرور طائِرات إسرائيليّة في أجواءِ عَواصِمٍ أُخرَى أو هُبوط نَظيراتِها العَربيّة في مَطاراتٍ إسرائيليّةٍ آو عزف النشيد الوطني الإسرائيلي في احتفال أو مناسبة ورفرفة أعلام الاحتلال في سمائها واستقبال المسؤولين ورئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو في زيارات رسمية متوالية في بلد عربي هنا وهنالك وقد قد سبق ان وصف رئيس الوزراء الماليزي إسرائيل بدولة " الإبادة الجماعية " ونشر على مدونته الخاصة عدة أمثلة تدلل على عدم عدالة إسرائيل للشعب الفلسطيني وكتب قائلا " الكل يستطيع أن يرى الظلم والاضطهاد للفلسطينيين من قبل الإسرائيليين وان إسرائيل دولة إجرامية وتستحق الإدانة " وفي أكثر من محفل ولقاء انتصر لقضايا الأمة الإسلامية جمعاء وعلى رأسها القضية المركزية للأمة القضية الفلسطينية وفي تشرين أول عام 2003 أثار مهاتير غضب الحكومات الغربية والجماعات اليهودية عندما أعلن صراحة أن اليهود يحكمون العالم بالوكالة لكنهم لن يستطيعوا هزيمة 1.5 مليار مسلم وان طال الزمن وقد سبب ذلك توتر كبير في العلاقات بين الجانبين وقال أيضا إن الولايات المتحدة قامت بأكبر عملية تطهير عرقي ضد الهنود الحمر لذلك لا نستغرب موقفها الداعم لإسرائيل

وكان مهاتير محمد قد انتقد إسرائيل فى كلمة له ألقاها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة وقال إن جذور الإرهاب تنبع من عام 1948 عندما تمت مصادرة أراضى الفلسطينيين من قبل دولة إسرائيل وتم ذبح الفلسطينيين وإجبارهم على ترك أرضهم والهجرة ومصادرة منازلهم ومزارعهم وهاهو العالم يكافئ إسرائيل بالاعتراف بالقدس عاصمة لها ونقل سفاراتهم إليها وقد استمر الإسرائيليون بالسيطرة والاستيلاء على المزيد من الأراضي التي بنيت عليها المستوطنات بالأراضي المحتلة وعندما حاول الفلسطينيون مواجهتهم بالحجارة قام الجيش الإسرائيلي بقتلهم واعتقالهم و من ثم يردون على نطاق كبير واسع بقصف المدارس وهدم المستشفيات وقتل المدنيين وعلى العالم الذي لم يعد يكترث بانتهاك إسرائيل للقانون الدولي بعدما شاهد بأم عينيه عمليات الاغتيال وفرض الحصار على شعب أعزل واستيلائها على سفن كسر الحصار لغزة في المياه الدولية والتي كانت تحمل الدواء والغذاء أن يصحو ضميره ولو لمرة واحدة وإن المشكلة فى الشرق الأوسط بدأت مع إنشاء إسرائيل وهذه هى الحقيقة المؤكدة

وقد شكك مهاتير في أكثر من مرة بعدد اليهود الذين قتلوا فى المحرقة النازية المزعومة على أنها أربعة ملايين وليس ستة ملايين كما تدعي إسرائيل وهاجم مرات عديدة السياسة العدوانية التي تنفذها القوات الإسرائيلية على قطاع غزة وكرر وصفه لإسرائيل بأنها دولة إرهابية وفي كتابه الصادر عام 1970 بعنوان " معضلة الملايو " قال عن اليهود " إنهم معقوفى الأنف " ودافع عن الصواريخ الذي تطلقها حركة المقاومة الإسلامية حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى على تل أبيب والمستوطنات والمدن الإسرائيلية واعتبرها ضربات وقائية لحماية الفلسطينيين من العدوان الصهيوني وأن لهم الحق في تدمير إسرائيل من أجل الحفاظ على أمنهم وقال مهاتير إذا كان المجتمع الدولي والأمم المتحدة والدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا تتفهم قيام إسرائيل بهذا النوع من الهجمات فلماذا تنكر على الفلسطينيين قيامهم بحماية أنفسهم بأسلحة محلية بسيطة هي أشبه بمفرقعات الألعاب النارية مقارنة مع ما تملكه إسرائيل من ترسانة عتاد حربي بري وجوي وبحري في حين يغض الطرف عن الجرائم والمجازر التي ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين العزل والمواطنين في غزة من حقهم أن يكونوا آمنين وعندما يتم وضعهم تحت الحصار ويحرمون من الغذاء والدواء فما الذي يتوقع العالم منهم أن يفعلوه

وحول مسالة القدس الشريف قال مهاتير لا بد من أن تبقى على وضعها الحالي فلا تملك أي دولةٍ حق إقرار أن تكون القدس عاصمة لإسرائيل أو تقرر تقسيمها ودعى دائما إلى تقديم كل الدعم للفلسطينيين سياسيا وعسكريا وإغاثيا وردع الاحتلال الإسرائيلي بكل الوسائل وفي المقابل شنَّت الحُكومة الإسرائيليّة حملةً مسعورة ضِده مُستَخدمةً تُهمَة مُعاداة الساميّة نفسها لأنّه رفض إعطاء تأشيرات دُخول للرياضيّين الإسرائيليّين وقد كانت حملة واهية لم تثنيه او ترهبه للتراجع عن قراره الذي كرره مرات إنّه لَنْ يَسمَح للإسرائيليّين بدُخولِ بلاده وإذا كانَ قراره هذا لا يُعجِب اللَّجنة المُنَظِّمة للمُسابقةِ المَذكورة فلتُقِمها في مَكانٍ آخَر غَيرُ مَأسوفٍ عَليها ومعلوم للجميع ان ذريعة وتهمة معاداة السامية هو سلاح حصري للصهاينة وكيانهم لتجريم كل من يخرج او يصرح او يقف أمام الإجرام الصهيوني وادعاءاته الإنسانية حيث تمثيل دور الضحية وهو يغرز أنيابه في شغاف قلبها بأدواته وماكينته الإعلامية الجبارة وأموال السحت والبنوك والسلاح التي يوقدون بها الحروب والكراهية والفتن وما حملات التكفير الإرهابية التي تجتاح بلاد العرب والعالم إلا احد الأذرع المستخدمة في هذا المخطط الصهيوني العابر للقارات

أيها الزَّعيم الشَّريف مهاتير محمد ابن فلسطين البار لن نوفيك حقك في رقابنا ونحن الأقرب للقدس وارض فلسطين من أبناء العروبة المخذولين والمهزومين وأنت المسلم البعيد أجرأ واقوي منا جميعا تحية إكبار واعتزاز وفخار بك وبكُل الذين قالوا ويَقولون ( لا ) كبيرة في وَجْهِ الاحتِلال والعَربدة الإسرائيليّة وينْحازون إلى الحَق دُونَ أن يُرهِبهم سِلاح مُعاداة الساميّة القذر الذي تُشْهِره دولة الاحتِلال في وُجوهِهم ومن كل منابر الإعلام في الدنيا نحي ونقبل رأسك ورأس كل مسؤول في أي مركز قرار يساند ويتعاطف مع القضايا العربية والإسلامية خاصة القضية الفلسطينية بما فيها القدس عاصمة فلسطين الأبدية وإننا نشاطرك القول بأن الكيان الصهيوني الغاصب لفلسطين يمارس إرهاب الدولة ضد الشعب الفلسطيني الأعزل دون أن يتحرك الضمير العالمي الذي ينافق لحكومة هذا الكيان ويكافئه بقرارات ظالمة من نوعية القرار الأمريكي الباطل باعتبار القدس عاصمة لهذا الكيان الزائف وأننا نثمن عاليا مواقف ماليزيا قيادة وحكومة وموقفهم الأصيل والنبيل الذي رفض بشكل قاطع استقبال الرياضيين الصهاينة على أرضهم وهو امتداد لموقفًهم الحاسمًة والصادقة في الدفاع عن القدس وحقوق الشعب الفلسطيني الثابتة
يبلغ مهاتير محمد من العمر 92 عام وقد أصبح فى ايار2018 أكبر رئيس وزراء حالي فى العالم بعد هزيمته لرئيس الوزراء السابق نجيب رزاق وفاز بإرادة شعبية كاسحة وعبر صناديق الاقتراع النزيهة وفد سبق له أن شغل منصب رئيس الوزراء بين عامي 1981 و2003 وتعد هذه أطول فترة لرئيس وزراء في ماليزيا وكذلك من أطول فترات أسيا في الحكم وقد تقاعد عام 2003 بعد 22 عاما في رئاسة الحكومة وهو في ذروة عطائه ولكنه عاد عن للسلطة بعدما عم الفساد واستفحل في البلاد ويعتبر مهاتير صاحب رؤيا إستراتيجية ثاقبة ومتنورة وليس من المستغرب ان يشن هجوم عليه من قبل إسرائيل وأدواتها العميلة في الغرب حيث يشتهر بتصريحاته المناهضة لإسرائيل والمؤيدة للفلسطينيين وهو صاحب النهضة الماليزية الحديثة الذي قادها الى مَصاف القِوى الاقتصاديّة المتقدمة في العالم وجَعَلها تتَصدَّر نُمور آسيا الاقتصاديّة وصنع لها مكانة على الخريطة بين الأمم ولا عجب أنه رفض منذ وقت مبكر إغراءات الصندوق والبنك الدوليين وأدرك خطورة السير وراءهما وقد عاش حياته نظيف اليَد واللِّسان يُؤمِن بالعَدالة الإنسانيّة وينْحاز إلى قِيَم عقيدته الإسلاميّة ولا يُساوِم عليها مُطْلَقًا ولا يكفر احد ولا يقصي احد وهو يشكل أكاديمية متفردة للكبرياء والكرامة والنزاهة والشفافية ولم يكن يوما عميلا ولا مطبعا ولا انقلابيا و لا دمويا ولا منافقا كذيل الديك يميل حيث الريح تميل كما هو حال بعض المرتزقة
يشار الى ان اللجنة البارالمبية الدولية قررت منع ماليزيا من استضافة مسابقة السباحة الدولية على خلفية قرارها رفض إصدار تأشيرات دخول للرياضيين الإسرائيليين واستقبالهم في البلاد
يعجز الفكر ويحار العقل ويجف القلم ويضيق القرطاس أن يجد كلام يليق بمكانة هذا الرجل القامة الذي جاء في زمن صعب ضاعت فيه الرجولة والعروبة والإسلام وتسيد الورعان و الصبيان والزعران والكفرة
فتحية الإجلال والتعظيم والاحترام والتقدير للزعيم الكبير مهاتير محمد المسلم والمخلص لله ولوطنه ولشعبه وحبذا لو كان في امتنا من هو مثله لربما أصبحنا قوه يحسب لها القاصي والداني إلف حساب ولتفهم إسرائيل المحتلة ومن بعدها الغرب المستعمر ان ماليزيا دوله مستقلة وذات سيادة حقيقية وقرارها بيدها وليست محمية بريطانيه او أمريكية لتكون ضعيفة او لقمة صائغة تستجدي الآخرين ومن الشرف العظيم أنه حتى اليوم لا يوجد أي علاقات دبلوماسية بين إسرائيل وماليزيا التي يبلغ المسلمون أكثر من 60% من سكانها وهي تسمح للفلسطيني دخولها بدون فيزا مسبقة حمي الله ماليزيا العظيمة وقائدها الملهم وشعبها الوفي وأدامها نصيرة للعرب والمسلمين

mahdimubarak@gmail.com