التحقيق مع ستاندرد آند بورز



وكالـة التصنيف الدولي (ستاندرد أند بورز)، التي قررت مؤخراً تخفيض تصنيف الديـن العام الأميركي لأول مرة في التاريخ، تخضـع الآن للتحقيق من قبل وزارة العـدل الأميركية التي تمثل الإدعاء العام.

لو حـدث مثل هذا عندنا فسـيقال إن التحقيق انتقامي، وإن هدفـه معاقبة الوكالة على قرارها الذي أساء للاقتصاد الوطني، وحتى في أميركا نفسها سيكون هناك من يشـككون في حوافز فتح التحقيق.

التحقيق مع وكالة التصنيف سيكون ذا شـقين: أولهما مراجعة الحسابات والمعادلات التي وظفتهـا الوكالـة لتبرير قرارها، ويبـدو أن هناك أخطاء كبيـرة في المعلومات والأرقام التي أدخلت في النموذج وأدت إلى هـذه النتيجة السلبية.

وثانيهما التحقق من أن الوكالة وكبار مدرائها وبعض موظفيها لم يسـتغلوا الفرصة للإثراء غير المشروع عن طريق معرفتهم المسـبقة بالقرار وموعد صدوره، ومعرفتهم بأن أسعار الأسـهم في البورصة ستنخفض بشكل حـاد.

فهل قـام مدراء ستاندرد أند بورز وموظفوها ببيع أسهم قبل أن تنخفض أسعارها؟ وهل باعوا على المكشوف كميات كبيرة من الأسـهم لعلمهم بأن أسعارها ستنخفض ويمكن تصفية عقودهـم فيما بعد بأرباح كبيرة؟.

إذا أثبت التحقيق المستقل أن معلومات الوكالـة وأرقامها لم تكـن دقيقة، فإن ذلك سيؤثر كثيراً على مصداقيتها وهي رأسـمالها، أما إذا ثبت أن بعض مدراء أو موظفي الوكالة تعاملوا في البورصة استناداً إلى معلومات داخليـة لم تكن متاحـة للمتعاملين في السـوق، فهـذه جريمة اقتصاديـة تكفي لوضع القيود في أيديهم، وسـوقهم إلى المحاكم، وتغريمهم مبالـغ كبيرة، وإلغاء المعاملات موضوع البحث.

من السابق لأوانه الحكـم سلفاً على سلوك وكالة التصنيـف، ولكن ما يهـم في حالة كهذه أن تكون الإجراءات شـفافة، وأن يأخذ القانـون مجراه، وأن يكون الحكم النهائي لقاض ٍ مسـتقل بصرف النظر عن تأثير ذلك سـلباً أو إيجابـاً على الاقتصاد الأميركي وشـعبية الإدارة الأميركية.

مما يضعف موقف ستاندرد أند بورز أن وكالات التصنيف الأخرى، التي لا تقل أهمية ومصداقية، أبقـت تصنيف الدين الأميركي عند أعلى مستوى، ولم تقتف ِ أثر ستاندرد أند بورز في تخفيضه.