أحلامٌ ورديةٌ يعقبُها جحيم؛ والضحيةُ زوجة...
تحت الإضاءةِ المناسبة، تقدم نبيلٌ لِخطبتها، يفوحُ مِنهُ مسكُ الأخلاقِ وملثمًا بثوبِ التقاليد، تبرُقُ عينيهِ بآمالٍ وأحلامٍ تجعلُها تُحلّق، يروقُها ثوبُه، وتغمرُها رائحتُه، فيفتنُها بريقُه؛ وليحدثَ ما كانَ نصيبا.
في ليلةِ زِفافها تشعر ويكَأنّها ملكتْ الشمسَ في يمينِها والقمرَ في يسارِها، فترى الحياةَ بلونِ فستانها، ومِن ناحيَتِهِ يرى الحياةَ شنبًا وعضَلا وصوتًا غليظًا، ليطبقَ معانيّ رجولةِ الجاهلية، لكنّهُ ما زالَ تحتَ تأثيرِ ذاك الوجهِ السموحِ معسولِ الكلامِ إلى أن ينفذَ إناءُ العسل، يبدأُ الكتابةَ بحبرِ الغرابِ ليتلاشى البياضَ وتتطايرُ الوعود،
ليرسمَ لها حدودًا جغرافيّةً بِحُجةِ الغيرةِ وحب التَملّكِ، وليفرضَ عليها أحكامًا دستوريّةً غيرَ قابلةٍ للنقاشِ،
فَتنفرُ منهُ وتُحْدِثُ ردةَ فعلٍ انقلابيّةٍ ربما تُنعتُ بالمتمردة، لكنّ انقلابها يبوءُ بالفشل ؛ فالسيطرةُ دوما للأقوى بحكمِ قانونِ الغابِ، تشتعلُ الحربُ تارةً وتهدأُ بأخرى، فتغدو الأيامُ متشابهة، وما إنْ يمنُّ عليها بأداء واجبٍ مفروضٍ وهو برُ والديها؛ تَلوذُ فِرارًا لحضنِ أُمها وكأنّهُ بحرٌ تملؤه زجاجاتِ رسائلها مناجيةً ربها ومستعينةً بأمها لِتهمسَ بأذنها قائلة: يا ابنتي هذه هي الحياة تَمضي بحلوِّها ومرِّها، وهذا قَدرُكِ ولك مكتوب، اصبري ومعه تعايشي، وكلما شارفت حياتكِ الإنهيارَ عليكِ بمعاودة ترميمها.
ردت: أأرممُها بالتنازلِ عن حقوقي، بالاستسلام لأوامرهِ المجحفة، بطمسِ شخصيتي وإلغاءُ هُويتي..!؟
قالت: بل بالحوار والنقاش، وإشعالِ جذوةِ العلاقةِ بينكما بثقابِ الحياة.
ردت: وإن لم يفسح المجال، ولم نستطع اشعالها..!؟
قالت: عليكِ بالتحمّلِ والمثابرة، أنتِ خرجتِ بفستانٍ أبيضَ ولنْ تعودي إلا بكفنٍ أبيض.
أتريدينَ لنا العارَ ..؟
إنْ أردتِ الحريّةَ ونلتِها؛ ستموتين برصاصاتِ أفواههم الباردة.
....
وبينَ حنايا تلكَ السطور يظهرُ مشهدٌ حياةٍ لدى السواد الأعظم، إلا من رحمَ ربي وسارَ على نهجِ الحبيبِ المصطفى في حسنِ معاملته مع أهل بيته، وليس بالضرورةِ أنْ يكونَ الخطأُ حكرًا على الزوجِ فربما هو من يعاني خطأها ونشوزها.
لتكن لها الأبَ الحاني والسندَ النبيل واهتف في قرارةِ نفسك: فليحفظ مملكَتنا الكبيرُ المتعال.
nesreenalfqeeh@gmail.com