العنف الذي لا نعرف عنه!

 


لم يقل لنا أحد ماذا يجري في المفرق فعلاً, لا الاعلام الرسمي ولا الصحافة!! فهل أن هناك اناساً يفرضون خاوة على تجار المدينة؟ وهل أن هؤلاء التجار هم لفئة خاصة من المعارضة؟! وهل ان المشاغبين الذين يحرقون المتاجر هم «الشبيحة» الاردنيون الذين يحملون الخوف «للمعارضين» ويستمعون باغفال الأمن لزعزعة الزعران وتقوى الاخوان؟!

لو ان ظروفي تسمح بفتح «تحقيق خاص», لزرت الصديق عبدالكريم الدغمي. فهذا النائب السياسي الخاص الذي يمثل فعلاً ناس المفرق ومحافظتها, موثوق في كل ما يمكن أن تسمعه منه. لكن الرجل مشغول في مجلس النواب, واللجنة القانونية, ومشغول بألف همّ وطني.. وأنا أشعر بحجم العبء الذي على كاهله ذلك أنني ما ازال بحاجة الى الاسترخاء رغم أنه مضى شهر أو يزيد على مغادرتي الوزارة. والمسيح يقول كلاماً جميلاً: النفس طالبة, أما الجسد فضعيف!! ولعل الزملاء الصحفيين الشباب يذهبون الى المفرق ويقولون ما الذي يجري هناك، او يتجهون في الاتجاه المعاكس فيقولون لنا ما الذي يجري في الكرك.. وهل تم اجلاء العشيرة التي قارف احد ابنائها جريمة القتل بعد الحرق والتدمير الذي طال متاجرهم وبيوتهم؟!

من المهم ان نعرف، وأظن ان من المهم ان تعرف الدولة ما الذي يجري فعلا وان تستخلص النتائج وتفرض حلّها الاجتماعي قبل حلّها الامني.

لقد صدف وان كلفني عدد من ابناء محافظة الكرك اثارة قضيتهم قبل كذا سنة، فقد كانوا سكان قرية صغيرة، وحدث ان ولداً من عائلة – وفي القرية عائلتان – اطلق النار على ولد في جيله فأرداه قتيلاً.. وقامت القيامة، ووجد الامن ان عليه فرض «الجلوة» على عائلة الجاني.. حتى لا يبقى الناس يستفزون بعضهم لوجودهم في القرية الصغيرة.

طبعا في العرف العشائري فان بيت الحجر لا يجلي وإنما هو بيت الشعر وفي عرف التمدن فان هناك من عمر بيتا بقروض اسكانية وصار عليه ان يستأجر بيتا في المدينة، وهناك من يعتاش من تربية الاغنام.. وهناك من يشعر أن حياته تغيرت لسبب لا يفهمه. فمن وظيفة الامن ان يفرض الامن, ومن وظيفة شيوخ العشائر ايصال الاطراف الى الصلح, ومن وظيفة العقل عزل الحادث الفردي عن الفعل المجتمعي!!

لم انجح وقتها في لفت نظر المسؤول, فالجميع كانوا منشغلين في شيء.. أهم من حياة الناس الفقراء!