الحب ...والتوازن
الحب ....والتوازن
أن يمر علينا يوم الحب بكل عام دون أن يحدث لدينا وقفة أمام الذات... وأمام مشاعرنا ...ثقافتنا ...ولكل من حولنا لنقرأ معا هذا اليوم بكل ما يحمله من مضامين وأبعاد تؤكد لي ولغيري أن الحب بالمعنى الطبيعي هو تعبير عن مشاعر الإنسان المتوازنة وغير الجانحة ، مشاعر الإنسان الذي يقدم بلا حدود، ولا ينتظر ما يقابل مشاعره أي حدود ، انسان متوازن بفكره ..ثقافته....قدراته الكامنة والظاهرة ..وأسلوب حياته التي تحمل بمعناها كل شيء جميل، وكل تعبير معبر عن أصالته وحسن خلقه وتمسكه بتعاليم الدين الحنيف وسنة رسوله الكريم .
معيار التوازن الناتج عن مشاعر الحب موضوع كبير وذات أبعاد ودلالات تؤكد على أن من امتلك مشاعر الحب لا يعرف البغضاء ولا الكراهية، ولا يعترف بالأحقاد والنظرة السيئة ، بل ان من يمتلك مشاعر الحب يتفوق على من حوله ويشعر بالازدهار والشفافية والنزاهة والصدق لأنه يعبر عن مشاعر اصيلة تولدت بفعل تجربة وتربية وعلم وثقافة ، لذا لا يجب الاستهانة بمن يحب ، لا يجب التقليل من مشاعر المحبين وبكافة أهدافها السامية والراقية والتي تستهدف محبة الإنسان والرقي به وتطوير قدراته وتعزيز مكانته .
مشاعر الحب ليست مشاعر غريزية شهوانية بل انها مشاعر طبيعية انسانية راقية تشكل نموذجا انسانيا عظيما يجب الاقتياد بها، والسير على دربها والتمسك بمواثيقها وأهدافها فلا يمكن للإنسان أن يعيش بدون حب بالمعنى الكامل والشامل والمستند إلى حالة الوعي والثقافة والتربية والعلم والإنسانية الراقية .
هذه المشاعر العاطفية، لكنها العقلانية تنبعث للأوطان ..وللمجتمعات ..وللأفراد...وللقيم ...وللمبادئ ، تنبعث من أقوال المشاهير و رواد الفكر والتاريخ مثل هذه المشاعر لا يمكن أن تكون صادقة في اساسها وقولها الا اذا خرجت من انسان متوازن يعرف قدر الكلمة وابعادها ومنطلقاتها وتأثيراتها أنها كلمة تاريخية انسانية عظيمة، كتب حولها الاف الشعراء والادباء والمؤرخين والقادة داخل المجتمعات ، كلمة تردد في كل مقام ومقال ، وفي كل جلسة وحوار ، وفي كل موقف يراد من خلاله كسر الجمود، لأنها كلمة السر لهذه الكلمة التي لم ينجب التاريخ كلمة تقابلها، بل اصبحت هذه الكلمة تتصدر المشهد الانساني بكل قوة وتأثير، لا يقابلها احد الا من يمتلك حبا مقابلا وعطاءا دائما ومشاعر صادقة لإنسان متوازن لا خلل فيه ولا اختلال حوله ، متوازن في كل شيء ومحب لكل شيء هكذا معادلة الحب المتوازن ، الحب الذي لا يمكن أن يستقر بداخل انسان دون أن يكون انسانا متوازنا وراقيا وواعيا وقادرا على العطاء حتى ولو كان دون مقابل .
لذا كان يجب على كل منا وفي مثل هذا اليوم أن يعيد مراجعة النفس، وأن نتعرف على مسيرة كل منا أين أخطأنا وأين أصبنا؟ ، أين أحببنا وأين كرهنا؟ ، وأن ندرك الحقيقة الساطعة أن بالحب تصنع المعجزات ويمكن اذابة كل جليد، وتحطيم كل الأسوار ،وايصال المشاعر حتى عبر الأميال والقارات، لأنها مشاعر الحب التي لا تستطيع أي قوة في هذا العالم أن توقفه أو تقف حائلا أمام أي انسان يريد أن يعبر بمشاعره لمن حوله .
انها المشاعر الحقيقة التي لا تكتشف من خلال الأجهزة الإلكترونية، بل ان اكتشافها بقدر صدقها وارتباطها بسلوكيات قائلها ومواقفه، ومدى قدرته على اثبات مشاعره في اللحظات التي يجب أن يبدي فيها مشاعره من خلال أفعاله، وحسن خلقه، وعظمة صدقه .
المدربة الدولية والإعلامية : ريم وفيق زنداح