تساؤلات مشبوهة!



كل هذا التضخيم لدور الإخوان المسلمين إن بالنسبة لما يجري في المنطقة كلها وإن بالنسبة لما يجري في سوريا على وجه التحديد لا هدف له إلا إخافة شعوب هذه المنطقة والغرب أيضاً من أن البديل سيكون أسوأ من المُستبدل وبالتالي فإنه إذا كان الخيار بين هذا السيئ وبين الأسوأ منه فإنه من الأفضل الإبقاء على هذا السيئ تحاشياً لتجربة كتجربة حركة «طالبان» في أفغانستان أو تجربة «حماس» في غزة أو تجربة حزب الله في ضاحية بيروت الجنوبية.

والملاحظ في هذا المجال أن كل الأنظمة التي استهدفتها هذه الثورات العربية ,من نظام علي عبد الله الصالح إلى نظام القذافي إلى نظام بشار الأسد, قد تمادت في كذبة أن بديلها هو (القاعدة) وأنه الإسلام الأصولي والهدف بالطبع هو إخافة الناس وإخافة الغرب المعني بكل هذه التغييرات ولهذا فإن كثيرين يسارعون إلى التساؤل لدى الحديث عن الثورة السورية :ولكن ما هو البديل.. هل هو الإخوان المسلمون والحركة الإسلامية..؟

ولعل ما يعطي هذه المخاوف المفتعلة بعض المصداقية أن الإخوان المسلمين وبخاصة «إخوان الأردن» يتقصدون الإيحاء بأنهم «قادمون» ,وهذا ما كان قاله احد ممثليهم في برلمان أردني سابق بعد فوز حركة «حماس» في آخر انتخابات تشريعية فلسطينية, ويتقصدون إشهار معادلتهم السياسية القديمة القائلة بالقبول بـ»المشاركة» حتى التمكن وتحسين المواقع ثم الانتقال بعد ذلك إلى «المغالبة»!!.

وكل هذا في حين أن المفترض أن «إخوان الأردن» ,الذين هم الوحيدون الذين ذاقوا طعم «المشاركة» بالطول والعرض والذين تدثروا بعباءة هذا النظام الذي يستهدفونه الآن بطرقة مثيرة للكثير من التساؤلات, يدركون أن قوانين الصراع الذي تشهده المنطقة تفرض عليهم أن يتواضعوا كثيراً وألاّ يرفعوا شعار :»إننا قادمون» فهذا يضر بهم ويضر بإخوتهم في سوريا وهذا يخيف المؤلفة قلوبهم الذين هم مع التخلص من نظام بشار الأسد ولكنهم يخشون من أن يكون البديل نظاماً استبدادياً كالنظام الذي أقامته حركة «طالبان» في أفغانستان وكالنظام المشوه الذي أقامته حركة «حماس» في غزة وأيضاً كالنظام الذي يسعى «الشباب المسلمون» لإقامته في الصومال.

هناك بالنسبة للثورة السورية الصامدة والمتعاظمة من يسأل :ولكن ما هو البديل..؟ والجواب للأسف يأتي في بعض الأحيان صدىً «للتكتيكات» الخاطئة لـ»إخوان الأردن» الذين لم يدركْ متزمتوهم أن ما يقومون به يُلحق بهم وبإخوانهم في سوريا أضراراً جسيمة وهو:أن البديل هو الإسلام الأصولي وهو «حماس» أخرى و»طالبان» جديدة وذلك في حين أن ما بات معروفاً هو أن الناس في هذه المنطقة لم تعد تخدعهم الشعارات حتى الشعارات الإسلاموية وأنهم غدوا يريدون التأكد قبل أن ينحازوا لأي تغيير موعود من أن البديل سيكون أفضل من المُستبدل وأن الخيار الجديد سيكون الدولة المدنية والديموقراطية والحريات العامة والمساواة والعدالـة.

وحقيقة ورغم (تكتيكات) الإخوان المسلمين الخاطئة التي تشكل عبئاً على إخوانهم في سوريا فإن ما يجب أن يكون معروفاً للجميع هو أن عهد «الديكتاتوريات» قد ولّى وهو لن يعود أبداً سواءً أكانت هذه الديكتاتوريات حزبية تدعي «الممانعة» والتقدمية أو إسلامية كحركة «طالبان» فالمنطقة دخلت عصراً جديداً عنوانه صناديق الاقتراع والديموقراطية والدولة المدنية.