المتهمون بقضية فساد “الدخان”
عادت قضية "فساد الدخان ” والمتهم الرئيسي بها عوني مطيع إلى واجهة الحدث بعد أن وجهت محكمة أمن الدولة اتهامات لشخصيات معروفة، وهي خطوة مهمة تبعت جلب مطيع من تركيا بعد ان أصبح استرداده مطلباً شعبياً لإظهار الجدية في مكافحة الفساد.
توجيه الاتهام للوزير السابق منير عويس، ومدير الجمارك السابق وضاح الحمود وآخرين، يظهر بشكل جلي أن التحقيقات مستمرة، ولا يستبعد أن تحمل الأيام القادمة مزيداً من المفاجآت، وربما تتوسع لائحة الاتهام لتشمل شخصيات عامة أخرى معروفة، فالمعلومات تشير إلى أن مطيع تحدث باستفاضة عن شركائه في الجريمة، وقدم قائمة بأسماء المتورطين معه.
تعتبر حكومة الدكتور عمر الرزاز أن ملاحقة قضية الدخان تحدٍ، وقصة مصيرية لها، وكل خطوة نجاح تحرزها في هذا الملف يحسن ثقة الناس بها وصورتها بالشارع، وأي تراجع أو ضعف في التصدي لهذه القضية التي تشغل الرأي العام يحرق صورتها، ويجعلها هدفاً سهل المنال.
صحيح أن القضية بحوزة القضاء وهو صاحب الكلمة الفصل، لكن الأمر الواضح للجميع أن قضية الدخان المزور أصبحت العنوان الأبرز لاكتشاف جدية الحكومة والدولة في مكافحة الفساد، والفشل في التعامل معها كارثة، وسيظهر أطراف الدولة وكأنها متسترة على جريمة، وتحابي شخصيات نافذة يشاع عند الناس بأنها وراء القضية ووفرت الحماية والدعم لمطيع.
اتهام الأشخاص وتوقيفهم لا يعني أبداً أنهم مدانون بالقضية، فالأصل أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته بحكم قضائي قطعي من المحكمة، ولهذا فإن ظاهرة الاحتجاج على سيادة القانون مقلقة جداً، ورفض القرارات القضائية والنيل منها وتحديها مرفوض، ويقوض من استقلال القضاء وسيادته على الجميع.
يطالب الشارع الأردني في كل مدنه وقراه بـ”كسر ظهر الفساد”، وهذا موقف محمود ويشكل منعة للدولة، والمفارقة أن بعض من يرفع صوته مطالباً بملاحقة الفساد والفاسدين يغضب حين تقترب دائرة الاتهام من "قريب” له او ابن "عشيرته”، ويعتبر ما حدث مؤامرة لن يسكت عنها، ولن يقف مكتوف الأيدي أمامها، ويخرج محتجاً ليغلق الشارع ويشعل الإطارات.
إذا كان المجتمع يريد محاربة الفساد بجدية وحزم، فلا يجوز أن يعطي شرعية، أو يوفر حماية، لمن يخرج محتجاً ورافضاً لمبادئ سيادة القانون، فالوطن أهم ويسمو على الجميع، وهو يتقدم كل المكونات مهما علا شأنها ومهما كانت مسمياتها.
نسمع أصواتا تبدي مخاوفها أن يدفع بعض الاشخاص المتهمين ثمن قضية الدخان ويصبحوا "كبش فداء”، ولا تطال يد العدالة اخرين يعتقدون انهم "محصنون” ولهم نفوذ، وربما نشاطرهم المخاوف بسبب التجارب السابقة، ولهذا ندعوهم لتشكيل قوة ضغط مجتمعية تقدم المعلومات الموثوقة لجهات التحقيق، وتراقب مسار الاجراءات والمحاكمة لتظل عين المجتمع حاضرة تصوب المسار وتمنع الانحراف.
سيادة القانون فوق الجميع، والمتهم بريء حتى تثبت إدانته، هذه مبادئ نؤمن بها، وهذا ما يدفعنا للتذكير بأهمية ضمان توفر معايير المحاكمات العادلة للمتهمين في القضية، وعدم التشهير بهم والإساءة لعائلاتهم، وإصدار أحكام سياسية مسبقة بحقهم.
قضية الدخان مستمرة، وتطويقها أصبح باعتقادي صعباً، فالشعب ينتظر ماذا سيحدث؟