نتنياهو «يصّنَع» التاريخ...وعربُ اليوم خارِجَه أو على تُخومِه

َ الصدفة وحدھا، ھي التي «حكَم ُ ت» تزام ِ ن إنعقاد القمة الاقتصادیة والتنمویة العربیة بنسختھا الرابعة في العاصمة اللبنانیة بیروت، مع ُ زیارة رئیس حكومة العدو الصھیوني نتانیاھو لدولة تشاد «الإسلامیة» الم ِجاورة لبلدین عربِیَ ِ ین إفریقیَین یعیشان أوضاعاً كارثیة ھما: لیبیا ِع على ُ ن نتانیاھو ورئیس تلك الدولة إدریس دیبي، المتربّ والسودان، فضلاً عن كون تشاد عضواً في منظمة التعاون الإسلامي. حیث أعلَ .عرشھا منذ ثلاثة عقود (أحكم قبضتھ في العام 1990 ّ ولم َ ا یزل)... عودة العلاقات الدبلوماسیة الكاملة بینھما حدثان لافتان یستحقان المتابَ َ عة، وص ّ ف نتانیاھو أحدھما بـ"التاریخي»، «شك ً ل» دخولا إسرائیلیً َ ا إلى العالم الإسلامي، ك ُ نتاج عمل مكثّف قمنا بھ على مدار السنوات الأخیرة»، كما قال بغطرسة رئیس الحكومة الفاشیة في الكیان الصھیوني. فیما على المقلَب الآخر كانت قمة ّ خرى على مدى وحجم الإنھیار والتفكك العربیّین، وبخاصة على المستوى الرسمي، الذي یعكس ضمن أمور أخرى مدى ُ بیروت إشارة أ الرثاثة والشقاق الآخذ في الاتّساع بین معظم الأنظمة العربیة، التي لا یُ ّ خفي بعضھا تبرمھ وامتعاضھ من الانتساب إلى عروبتھ، وبات ّ یفضل الارتماء في أحضان أعداء الأمة الذین یُ ِ واص ّ لون من جانبھم.. ازدراءھم والحط ِ من مكانتھم ووصفھم بأقذع، وأسوأ الصفات، لكنھا ً ة، وخصوص ّ ا في إدارة الظھر لأمتھم، والمضي «مازوشیة» عرب الیوم ھي التي «تضبط» إیقاعھم، وتدفعھم لمزید من السلوكات الشاذّ ً قدم ّ ا في تزویر التاریخ والتنك ً ر لحقائقھ، رفضا ومكابَ ِ رة في عدم الاستفادة من دروس ِ ھ وعبره. لھذا انتھت مسرحیّة القمة الاقتصادیة الھزیلة، .على النحو البائِس الذي لم یكن أحد یتوقّع أن تكون «نتائجھا» غیر ذلك أیًا تكن المبالغات والألاعیب الإعلامیة، المحمولة على غطرسة وشعور عنصري صھیوني بفائض قوة، وثقة بأن عرب الیوم قد باتوا إلى ّ جانب (اقرأ في جیب) الحلف الصھیوأمیركي، الذي ینظم تصریحات وحركات نتانیاھو الاستعراضیة، وتھویلھ في شأن أھمیة إعادة ُ ول افریقیة یحكمھا جنرالات مستبدون، فاسدون وغیر م َ نتخبین، ومصنّ ّ فة كدول فاشلة، إلا أن الإنجازات السیاسیّة ِ علاقات كیانھ مع دُ والدبلوماسیّة التي تراكمھا إسرائیل على أكثر من ساحة في المنطقة العربیّ ُ ة، حیث یلتزم الم ّ تصھینون العرب الصمت إزاء ما تكشفھ ّ عما حققتھ في آسیا (الھند، الصین، وإندونیسیا) وشرق أوروبا، وخصوصاً أمیركا ٍ إسرائیل من تنام في علاقاتھا معھم وفي إفریقیا، فضلاً ّ اللاتینیة وآخرھا البرازیل، التي جاء على رأس ھرمھا رئیس أفنجیلي ُ متصھین، اعترف بالقدس عاصمة لدولة العدو... یصعب اعتبارھا ّ إنجازات ونجاحات رمزیة، بقدر ما ھي في النھایة انعكاس لحال الإفلاس والضعف والھشاشة، بل والسقوط السیاسي ّ والأخلاقي والقومي ّ والوطني ّ ، الذي باتت علیھ بعض الأنظمة العربیة والإسلامیة والمنظمات الإقلیمیة التي تضمھا، كالجامعة العربیة ومنظمة التعاون ً الإسلامي، وخصوصا أنّ ّ ھما لا تجتمعان إلا ِ لمناصرة محور عربي على آخر، والترویج لسیاسات، ومغامرات وحروب دول أخرى. ما یزید ّ الثقة بأن ِ الوقت قد حان لإقفال أبوابھا، وإحالة المنتفعین منھا إلى التقاعد الإجبار ُ ي، بدل الم ِضي في ممارسة كل ھذه المظاھر الكاذبة، التي ِ ذ ولا تج َ د من یحترمھا أو یحفَل بھا .تُمیّ ِ ز اجتماعاتھا وتسم قراراتھا، التي لا تُنفَّ ّ ة» لدولة تشاد «الإسلامیة» یقول: «نحن نصنع التاریخ، ونحول إسرائیل ّغر ّ د الفاشي الصھیوني بنیامین نتانیاھو، عشیة زیارتھ «التاریخیّ ّ كم بأخبار سار ِ ة، وأع ُدكم أنّھ سوف تجري زیارات أخرى» مضیفًا في تغریدةٍ كلامھ لجمھوره: «و َعدتُ َ ّ إلى قوة عالمیّ ُ ة صاعدة»، م ّوجِھاً .« ّ أخرى: «إن الھدف ھو تحسین العلاقات مع العالم الإسلامي ّ آخر نحو العالم الإسلامي. وھو بذلك یُ ِطلق ّ ما یعني أن ّ الرجل قد وضع معظم العالم «العربي» في جیبھ، وبالتالي استعدّ ٍ لھجوم مضادّ رصاصة الرحمة عملیًا وواقِعیًا على ما یُ ّسمى «مبادرة السلام العربیّ ِ ة»، التي یواظ ّ ب المرو ّ جون لھا وبخاصة في السلطة الفلسطینیّة، «إغراء» إسرائیل بأنھا «إذا ما وعندما تستجیب لھا، فستحظى باعتراف (54 (دولة عربیة وإسلامیة». فھل یُدرك ھؤلاء أن نتانیاھو ِ والحلف الصھیوأمیركي، قد نجحا في نیل اعتراف غالبیة ھؤلاء سواء بالترھیب أم الترغیب، الرشوة المادیة المباشرة، أو توفیر الحمایة ٍ الأمنیة والتكنولوجیة وغیرھما كالتعاون الأمني والاستخباري والعسكري، الذي لم یعد خاف ّ على أحد؟ والأھم من كل ذلك أن أحداً من ُخط ُ بون ودّھا ویفتحون ّ البلدان والحك ُ ام العرب والمسلمین من الم ِ ھرولین نحوھا، الذین تذكر وسائل الإعلام والمسؤولین الصھاینة، أنھم یَ أجواءھم أمام طائراتھا، لا یُ ِ باد ِ ر إلى نفي أو دحض ھذه التسریبات أو إنكارھا، وحسم الشكوك والجدل المتصاعد حولَھا َ . ّ مفاجأة «إسلامیة» إفریقیة أخرى، كشفتھا وسائل الإعلام الصھیونیة، مفادھا أن رئیس وزراء دولة «مالي الإسلامیة» في الطریق قریبًا إلى ّ دولة العدو، لاستعادة وتجدید علاقات بلاده الدبلوماسیة مع دولة الاحتلال، وستجري المباحثات الثنائیة كما ھو مطلوب ومقصود في القدس ً ة، تماما كما فعَ ُ ل الدیكتاتور التشادي «الم ِسل ِ م»...إدریس دیبي وبعض العرب (ولكن بشكل س ّر ُ ي وم ِ تواصل .(المحتلَّ ِ خوم ِ ھ... بلا ح ِ راك أو ھ ّمة؟ ّ فھل ثمة من یُنكر بأن معظم «عرب الیوم»، قد باتوا خارج التاریخ؟ أو أنّھم یعیشون على تُ kharroub@jpf.com.jo