الأسرة الأردنية بين القهر والفشخرة .. بقلم / م. احمد سعيد
الأسرة الأردنيّة بين
القهر والفشخرة
قد تحتاج الاسرة الى الف دينار لاحداث التوازن بين متوسط الدخل والانفاق حيث ان تغطية الفجوة تتم من خلال الاقتراض من البنوك وتحويلات العاملين من الخارج وتسييل الموجودات الثابتة المتوفرة للاسر بالاضافة الى بيع العقار.
أي أن أكثر من (53%) من الأسر الأردنية والبالغ إجمالي عددها في المملكة (1083000 ) أسرة لعام 2008 واقعة تحت خط الفقر الإسكاني والبالغ( 490 ) دينارا ولا تستطيع تمويل شراء وحدة سكنية بمواصفات الحد الأدنى وبمساحة اقل من 108 متر مربع ( متوسط مساحة المسكن الأردني) وذلك حسب مستويات الأسعار وشروط الإقراض في السوق وفقا للأرقام الأخيرة لنظام المعلومات الإسكاني في مؤسسة الإسكان و التطوير الحضري.
وتشير الأرقام إلى مؤشر سعر المسكن إلى الدخل السنوي للأسرة محليا حيث بلغ متوسط سعر المسكن إلى متوسط الدخل السنوي للأسرة الأردنية (8,1) سنة تحتاجها الأسرة الأردنية لتتمكن من الحصول على منزل خاص بها لعام 2004 و8 سنوات لعام 2008. ويعبر عن هذا المؤشر بعدد السنين التي يمكن أن تشتري فيها الأسرة مسكنا إذا ما وفرت جميع دخلها خلال تلك السنين تحت ظروف الأسعار الوسيطة للمنازل والدخل الوسيط للأسرة على افتراض ثبات هذه الظروف.
ويبلغ متوسط دخل الأسرة السنوي لعام 2008 (5558) دينارا.
وتشير تقديرات الحاجة السكنية في المملكة بين الأعوام (2008-2012) إلى أن المتوسط السنوي للحاجة السكنية في المملكة ككل (32688) وحدة سكنية.
وعن نسبة إشغال عدد أفراد الأسرة في الغرفة الواحدة في المنزل، فيصل فيها الأشغال 2,5 فرد في الغرفة الواحدة فأكثر تبلغ 14% لعام 2008 و16 % لعام 2006 و15,5% لعام 2004
فيما يصل متوسط عدد الأفراد في الغرفة الواحدة(1,4)فرد لعام 2008 و(1,5) لعام 2006 و(1,7) لعام 2004 ،ويبلغ متوسط نصيب الفرد من مساحة المسكن 20 متر مربع للأعوام(2004-2006- 2008).
فيما تصل نسبة الإيجار السنوي للمسكن لعام 2008 إلى متوسط الدخل السنوي للأسرة 20,4% . .
وبالتأكيد أنّ نسبة الايجار الى متوسط الدخل السنوي قد ارتفع في الفترة الاخيرة وقد ارتفعت تكاليف الحياة كثيرا نظرا لارتفاع اسعار السلع وعناصر الطاقة المختلفة .
إنّ العادات الاجتماعيّة للأسر الاردنيّة تلعب دورا مهما في الاعباء التي تتحملها وتؤثر على ميزانيتها ومن تلك العادات العزائم الكثيرة والموائد التي تذهب كميات كبيرة منها للحاويات والقليل يذهب للعائلات المستورة والجمعيات الخيرية وكذلك الهدايا في جميع المناسبات الهامّة وغير الهامّة ومناسبات الافراح وبالرغم مما في هذه المناسبات من صلة للأرحام ولكن فيها من النفقات ما يرهق كاهل الاسرة وكثيرا ما تجد رب اسرة يجد قوت يومه بصعوبة ولكنّه يأخذ ديونا ليعيّد رحما له تعمل براتب عالي فقط لأنها العادات المتوارثة وكأن وصل الأرحام لا يتم إلاّ بدفع الفلوس وليس بتكرار الزيارة والكلمة الطيبة والإطمئنان ولن تكتمل أي مشاركة إلاّ بالنقوط أو الهديّة أو العيديّة.
كذلك حفلات الاعراس ومشتريات الرفاهية من سيارات وتليفزيونات واجهزة كهربائية وهواتف خلويّة والتي تغلب عليها صفة التقليد الاعمى والغيرة والفشخرة الكاذبة والتي تُمول غالبا من الديون الشخصيّة والبنكيّة وتكبّد رب الاسرة فوائد وجمايل وضغوطات ماليّة واجتماعيّة هو في غنى عنها لو إستخدم وهو وزوجته وابنائه العقل والمنطق والتخطيط السليم في الحياة .
صحيح ان بعض الابناء يُحصّلون رواتب معقولة ولكن هؤلاء الابناء أمامهم مستقبل زاخر بالإلتزامات المالية لبناء اسرة سعيدة متعلّمة تعيش حياة كريمة دون الإستعانة بقروض بنكيّة أو شخصيّة .
نعم يوجد طبقة ثريّة في الاردن بعضهم جمع الفلوس بجدّه واجتهاده وحسن إقتناص الفرص وبعضهم جمعها بالرشوة والحرام والسلب واخذ حقوق الغير بممارسة الفساد والغش وغيره من المحرّمات ولكلّ فئة طريقنه في صرف الفلوس ولكن هؤلاء ليسوا عبرة لبقيّة الأسر الااردنيّة التي بالكاد تستطيع ترتيب ميزانيّتها حسب المتاح من الدخل .
وباعتبار أن الغالبيّة العظمى من الأسر الاردنية هي من الاسر المُعدمة أو فقيرة الحال أو محدودة الدخل فإن احوال معظمها تكون مثقلة بالديون والأعباء الماليّة نتيجة الفشخرة الكاذبة والتقليد الأعمى ناهيك عمّا يولّد ذلك من مشاكل إجتماعيّة قد تصل إلى حالات إجرام وعنف وإعتداءات شخصيّة وخلافات عائليّة أو تعيش تلك الأسر مقهورة مما تراه في هذا المجتمع .
وقد حثت الاديان على الوسطيّة في العيش لكي يكون مُستطاعا وكريما وممكنا وتكون تربية الاطفال والاجيال سليمة ويكون هؤلاء الأطفال قادة المجتمع بقيم واخلاق حميدة .
يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ صدق الله العظيم
وقال جل شأنه: وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا [الإسراءصدق الله العظيم
وقد ورد هذا المعنى عن رسول الله بقوله: ((كلوا واشربوا والبسوا وتصدقوا من غير إسراف ولا مخيلة، فإن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده)) رواه أحمد.
المهندس احمد محمود سعيد
عمان – 24/8/2011