غزة واهلها ... وثبات المواقف

غزة واهلها ... وثبات المواقف
ثبات غزة واهلها .. على مواقفهم الثابتة عبر مسيرة التاريخ ... ومن خلال الحركة الوطنية التي تشكلت وتبلورت منذ عقود طويلة ... والتي لا زالت تشكل بمضمونها وفعلها مسيرة النضال الوطني التحرري ... والتي لا تخرج بأي حال من الاحوال عن منظومة العمل الوطني بكافة اهدافها ووسائلها وشرعيتها التاريخية والوطنية ... والتي تستند بفعلها على مجمل الحقوق والاهداف الوطنية التي كانت اساس التضحية والفداء من اجلها .
فمهما اشتدت ضراوة الانقسام وتبعاته ونتائجه المدمرة .... ومهما علت الاصوات التي تتحدث خارج السياق والوقائع التاريخية وظروف الواقع ... ومهما كانت الرسائل حول ما يسمى بالانسداد ... وغياب الامال وشطب مرحلة تاريخية بحالة وهم وخيال ... ومهما تعقد المشهد ... وتضاربت المصالح بجملة التصريحات والتدوينات والخطابات ... فان كل شئ على ما هو ثابت .... وليس هناك من شئ يمكن ان يتغير ... بثبات الواقع والتاريخ .
فمهما كانت المعاناة والازمات التي تعصف بسكان القطاع نتيجة الانقسام الاسود ... والذي لا ذنب لهم فيما وصلت اليه الامور ... ولا يتحملون أدنى مسؤولية عن هذا الواقع المأساوي الكارثي ... الا ان الامال تتجدد ... وحتما الحلم سيتحقق ... لانها حتمية التاريخ الذي يرفض الانقسام ... والانفصال وعدم الالتزام بالشرعية الوطنية .
ربما يسأل البعض عن سر هذا التفاؤل ؟!!
فالمسألة لا تتحدث عن تفاؤل ... ولا تتحدث عن تشاؤم .... لكن الحديث يتحدث عن وقائع تاريخية ... لظروف سياسية .... ولثقافة اجتماعية ووطنية ... ولتراكمات تجربة نضالية طويلة ... لا يستطيع أحد شطبها تحت أي شعار ... وتحت أي حلم او كابوس .
قناعة الناس والتي يجب تأكيدها والحديث عنها ... تتحدث عن التالي :-
اولا :- غزة واهلها لا يقبلون باستمرار الانقسام .
ثانيا :- غزة واهلها لا يقبلون بالانفصال عن الوطن بكافة مكوناته .
ثالثا :- غزة واهلها لا يمكن ان يقبلوا بالمساس وانهيار مشروعهم الوطني الذي تجسد بفعل نضالهم وتضحياتهم وما تم تقديمه عبر عقود طويلة .
رابعا :- غزة واهلها بتاريخهم وعبر عقود طويلة لهم عنوان وقبلة واحدة ... ولا يقبلون بأي عناوين على حساب عنوانهم الشرعي وممثلهم الوحيد منظمة التحرير الفلسطينية .
خامسا :- غزة واهلها بتاريخهم وثقافتهم ومجمل تجربتهم الوطنية وما تم اكتسابه من خبرات لا يقبلون بأي حالة الانفصال .... لانهم جزء من الوطن ومشروعه التحرري وشرعيته الواحدة الموحدة .
غزة بهذا الشريط الممتد على البحر المتوسط من بيت حانون وحتى رفح بالجنوب على الحدود المصرية وبطولها وعرضها وسكانها ... وبكل امكانياتهم المتواضعة واقتصادياتهم المنهارة ... وحتى بمدخولاتهم التي لا تلبي الحد الادنى من احتياجاتهم ... وبهذا الاغلاق والحصار الاسرائيلي الاحتلالي لا يمكن ان يحدث لديهم أي حالة من الاستسلام او الركوع ... كما لا يمكن لهم ان يمرروا بعض الخدع حول امكانية ان تكون غزة جنة الارض ... ولا حتى ان تكون قندهار !!!
غزة تريد واهلها ان يكونوا كما كانوا على الدوام عامل استقرار ووحدة ... وحياة كريمة ... وليس حياة فيها من البطالة اكثر من العاملين .... وفيه من المرضى بأعداد كبيرة كما المياه الملوثة غير الصالحة للشرب ... كما البنية التحتية المدمرة ... كما معدلات الدخل التي لا تصل الى مستوى دخل الفرد القادر على الحياة الكريمة والمستقرة .
غزة دون انتاج وصناعة وزراعة ... ودون حركة عمل وتداول للأموال ... بل غزة تنتظر من يقدم لها المساعدة للعيش .... وليس للبناء .... لسد الاحتياجات ... وليس لتطوير القدرات .
من هنا فأن الانقسام أصبح كارثة وطنية يجب الانتهاء منها ... كما اصبح ما يسمى بالانفصال وهم وخيال .... لمن يعيشون بحالة غفلة ... ولمن هم المنظرين من فلاسفة الانقسام والذي سيزول وتطوى صفحاته وسيتم اكتشاف ان السنوات الماضية كانت خسارة وطنية كبيرة بكل نتائجها المدمرة واثارها المباشرة وغير المباشرة .
من يتحدثون ان المصالحة قد انتهت ... وان صفحتها قد طويت ... كما من يعتقدون ان الخارطة السياسية الداخلية قد انقلبت .... ولم يعد لارقامها الواضحة وجود فهم يخطئون التقدير والحساب وعليهم بمراجعة انفسهم ... فما يجري حتى اليوم ومن خلال كافة الدراسات والابحاث والوقائع ان الرئيس محمود عباس يتصدر الشعبية الاولى ... وان حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح تتصدر اكبر الفصائل شعبية في فلسطين ... وان غزة بجماهيرها وملايينها واغلبيتها الساحقة تؤمن بحركة فتح ومشروعها .
هذا القول لا يعني انكار وجود أحد فالثقافة الوطنية والديمقراطية ... والرؤية الموضوعية والمتوازنة تتحدث عن وجود قوى عديدة وصعود قوى ... لكنها لا تتحدث عن ما يمكن ان يقال ان هناك فصيل بالساحة الفلسطينية ليس له جمهور من المؤيدين والمناصرين .
ثقافتنا الوطنية والديمقراطية وقد تعلمنا منها الكثير ... والتي تتحدث عن احترام الجميع ... وتقدير المواقف وحسابها بمنظور وطني ... وليس بمنظور فئوي وعليه فان هذه الثقافة الوطنية والتي ترسخت بعقولنا وسلوكياتنا ومجمل مواقفنا التي نتحدث بها ... والتي نكتب عنها هي الفيصل والسياج الامن الذي يجعلنا نحدد مواقفنا ... ونؤكد على الحقيقة وثوابتها ... والمواقف ووضوحها .
هذه غزة واهلها وثبات مواقفهم والتي يتحدثون عنها ويبنون علاقتهم على اساسها لا يمكن ان يتراجعوا عنها ... او يتناقضوا مع مضمونها .... بل سيعملون بكافة جهودهم على اسقاط مشاريع الانفصال .... وسيقفون موحدين ومجتمعين على ارادة واحدة ضد ما يسمى بصفقة القرن بقديمها وما يجري عليها من تحديث ومحاولة خداع .
نتمنى من كل متحدث ان يتقي الله فيما يقول .... وان يعمل الجميع لاجل وطن واحد موحد ... لان الخسارة لا يمكن ان تصيب أحد دون غيره ..... بل ان الخسارة خسارة الجميع منا ... وعلينا ان نسعى موحدين لاجل تحقيق أكبر قدر من الربح والانجاز الوطني ... حتى نتجاوز الكثير مما نحن فيه وعليه .... مما هو قائم ... وبما هو خطر قادم !!!
الكاتب : وفيق زنداح