أول فلسطينية وعربية ومسلمة في الكونغرس الأمريكي
بعزيمة لا تلين وروح مؤمنة بالإصرار والتحدي وبشخصية واثقة وقوية وبتأهيل أكاديمي ومعرفي متميز وبتجربة وحنكة فاعلة وبثقافة عالية وتواضع كبير وبقاعدة شعبية وحزبية عريضة استطاعت المحامية السابقة رشيدة طليب 42عاما أن تصبح أول امرأة أمريكية مسلمة وعربية من أصل فلسطيني تنتخب عضوا في الكونغرس الأميركي مرشحة عن الحزب الديمقراطي الذي ظفر بأغلبية المقاعد النيابية ولتحقق بذلك إنجازا غير مسبوق في تاريخ الولايات المتحدة بعدما تفوقت كعضو سابق في المجلس التشريعي لولاية ميتشيغان على 5 منافسين آخرين لشغل منصب نائب عن الولاية والذي أصبح شاغرا العام الماضي بعد استقالة النائب المخضرم جون كونيرز إثر اتهامه بالتحرش الجنسي وقد دخلت المنافسة الانتخابية مع ممثلات الحزب الديمقراطي كل من إلهان عمر الصومالية الأصل والمسلمة ودونا شالالا المسيحية أللبنانية الأصل حين أصبحن أولى النساء من أصول عربية يحصلن على عضوية الكونغرس الأميركي وذلك خلال الانتخابات النصفية الأميركية الأخيرة
ولدى رشيدة طليب تاريخ حافل في تخطي الحواجز والتقدم نحو الفوز بخطى ثابتة ففي عام 2008 أصبحت أول مسلمة تنتخب لمجلس ميتشيغان التشريعي ولدت طليب في ديترويت لعائلة مهاجرة فلسطينية وكان والدها يعمل في مصنع فورد للسيارات وهي الابنة الأكبر بين 14 ابنا للعائلة بعد أدائها اليمين أمام الكونغرس وضعت ورقة لاصقة بالقرب من موقع إسرائيل على الخريطة المعلقة في مكتبها بالكونغرس وكتب على الورقة كلمة فلسطين مصحوبة بسهم يشير إلى موضع إسرائيل في محكاة واشارة للجغرافيا الحقيقية
وقد استهلّت مهامها التشريعية بالتوعد ببدء إجراءات إقالة الرئيس دونالد ترامب الذي وصفته بعبارة نابية ووجهت اليه شتيمة من العيار الثقيل أثارت غضب الجمهوريين بعد أقل من يوم من بدء عمل مجلس النواب الأمريكي الجديد ذي الأغلبية الديمقراطية تحدثت طليب عن ترامب قائلة إنها ستفرض عقوبة (العزل) عليه وقد علَّقت رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي على تصريحات رشيدة طليب المسيئة التي استخدمتها حول عزله حيث قللت من أهميتها واعتبرت أنها ليست أسوأ مما قاله الرئيس في مرات عديدة في لقاءاته الصحفية او عبر تغريداته على تويتر و قد كانت طليب تنتقد ترامب منذ وقت طويل وأن هذا التحدي لا يعد معركة جديدة من نوعها بالنسبة لها فقد انضمت إلى حركة " أمهات ضد ترامب " منذ سنتين عندما كان دونالد ترامب مجرد مرشح للانتخابات الرئاسية وقد تم إيقافها مع 11 امرأة أخرى عندما قاطعت خطاب ترامب المرشح عن الحزب الجمهوري للرئاسة آنذاك في مدينة ديترويت حينها صرخت في وجه ترامب متسائلة " هل قرأت الدستور " وأقرت بأنها فخورة بتلك اللحظة حيث عبرت عن معارضتها لخطاب الرئيس
وفي تصريحات عديدة لها قالت يوجد بحوزتنا أدلة واضحة على أن الرئيس ارتكب مخالفات تستدعي الإقالة وأن في كل يوم يمرّ يوقع ترامب مزيدا من الضرر على عدد هائل من الناس الذين يتعرضون للأذى بسبب أفعاله الخارجة عن القانون ولا يمكننا إزالة الأذى الذي يسببه لشعبنا الا بإقالته وقالت بصراحة الآن حان وقت بدء إجراءات الإقالة يذكر أن الديمقراطيين قد فازوا بالأغلبية في مجلس النواب الأميركي في تحول كبير لموازين القوى في الكونغرس فيما ان الإقالة أمرا بعيدا في ظلّ التوازن الحالي بين مجلسي النواب والشيوخ والديمقراطيون يسعون إلى تقييد تقلبات ترامب في البيت الابيض
وقد طالبت رشيدة ان يكون أداء اليمين الدستورية الخاص بها على نسخة مترجمة من القرآن أنجزها جورج سوس عام 1734 وهي تلك النسخة التي حصل عليها الرئيس الثالث للولايات المتحدة توماس جيفرسون وانها ستستعير هذه النسخة من القرآن من قسم الكتب النادرة والمجموعات الخاصة في مكتبة الكونغرس وأوضحت أن استخدامها القرآن الكريم في حلف اليمين يهدف إلى تعريف الأميركيين بالدين الإسلامي بصورة اكبر وأوضح وأن أداءها اليمين بالقرآن مهم بالنسبة لها لأن الكثير من الأميركيين لديهم هذا النوع من الشعور بأن الإسلام دين غريب على التاريخ الأميركي رغم ان المسلمون كانوا هنا منذ البداية وبعض الآباء المؤسسين عرفوا عن الإسلام أكثر من بعض أعضاء الكونغرس على مر التاريخ وليست هي الأولى التي ستؤدي اليمين الدستورية بوضع يدها على نسخة مترجمة من القرآن الكريم فقد سبقها في 2006 العضو الديمقراطي المسلم عن ولاية مينيسوتا كيث إليسون الذي وضع يده على القرآن عند أدائه اليمين الدستورية مما تسبب في جدل واسع في حينه
وان وضع يدها على القرآن ليس هو القرار الوحيد الذي اتخذته طليب عند اداء اليمين بل قررت أيضا أن ترتدي ثوبًا فلسطينيًا تقليديًا مطرزا في هذا اليوم الخاص يبرز هويتها و يربطها باصولها ويعطي انطباع عن موطنها وقضيتها ولم تتردد يوما في مصارحة الناخبين ووسائل الإعلام بمدى تأثرها بأحد المواقف الذي حدث معها بسبب الهجوم على الإسلام فقد كانت طليب تتناقش مع زوجها حول رسم كاريكاتوري نشرته صحيفة " يو إس إيه توداي " الذي أشار إلى أن تعاليم الدين الإسلامي متطابقة مع مبادئ النازية وفي تلك اللحظة قال لها أحد أبنائها " لا تقلقي يا أمي إن سألني أحدهم عما إذا كنت مسلما أم لا فسأكذب وأنكر ذلك"
وأشارت في وقت لا حق بعد فوزها إلى أن هذا الطفل لا يجب أن يشعر بالخجل من ديانته بعد الآن بل عليه أن يكون فخورا بعد الإنجاز الذي حققته والدته ووجهت خطاب خاص للأشخاص الذين رافقوها ساعة توقيعها على فوزها في الانتخابات التمهيدية وهي حاملة معها العلم الفلسطيني وتقول سأحارب كل توجه عنصري أو قمعي فأنتم تستحقون أفضل حياة مما نحن عليه اليوم مع الرئيس ترامب المتهور
وفي وقت سابق من العام المنصرم استقبلت جدة رشيدة وأخوالها وخالاتها الجيران في قرية بيت عور الفوقا بالضفة الغربية المحتلة الذين تجمعوا أمام منزلهم للتهنئة بفوزها وبينت عائلة طليب إن النائبة الأميركية العربية المسلمة الفلسطينية أقامت حفل عرسها على أحد أقاربها في بيت عور في عام 1997 وآخر زياراتها للقرية كانت في عام 2006 وان فوزرها يشكل فخرا كبيرا لعائلتها ولقريتها ولفلسطين وللعرب وللأمة الإسلامية قاطبة في دفاعها القوي عن قضايا الحق والعدل والإنسانية
mahdimubarak@gmail.com