(خالد) في القصر..
(خالد) في القصر..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الدكتور: رشيد عبّاس
قصة (خالد) من القصص التي فرضت نفسها بنفسها, قصة خالد بدأت احداثها باردة كبرودة الشتاء وانتهت دافئة في احضان القصر, قصة خالد لم يكتبها اي كاتب من الكتاب العمالقة, ولم يخرجها أي من المخرجين الفطاحل, هي قصة قصيرة بأحداثها طويل بمعانيها, غير مصطنعة وغير مخطط لها من قبل, فقد جاءت احداثها مهرولة, حتى اصبحت هذه القصة معروفة لدى جميع الاردنيين, لا بل امتدّت الى خارج الوطن لتصل الى من رءوا خالد خارج زجاج المقهى يسكُ أسنانه بردا, كيف لا وقد زاد من روعة القصة صفاء ونقاء كأسة الشاي التي قُدّمت له بعفوية ودفئ, في مكان ليس كباقي الامكنة,..وشربها خالد جالسا بين عظيمين منحنيين صوبه, نعم شربها بين قلبين رحيمين من حوله, فكسر بها خالد جميع قيود عناصر القصة, وانطلق حاملا معه شيء من ملامح تلك الابتسامات لهؤلاء العظماء الاكابر.
عندما يكون الشاي صافيا نقيا وتذوب فيه بخجل امواج من حبات السكر البيضاء, وعندما ينظر خالد بعيونه الفرحة ليجد نفسه فوق السحاب تحمله انفاس الملوك, عندها علينا ان نقرأ كما قرأ خالد هناك, ونحسبُ ان (خالد) قد قرأ هناك انه لا مكانة للخوف ولا مكانة للكبرياء ولا مكانة للقلوب القاسية, لقد قرأ مع اهداف الفوز التي شهدها مع جلالة الملك وولي عهده قرأ طمأنينة وتواضع وقلوب حانية في جنبات وثنايا القصر, نعم قرأ كل ذلك مع اول رشفة شاي صافية ونقية شربها, ومع اول صافرة حكم سمعها عبر شاشة العرض في ذلك القصر,..قرأ كيف يكون التواضع عند الملوك.
ويمكن لنا ان نرى وجها آخر للقصة حين صرخ احدهم قائلا: (خالد) في القصر يشرب الشاي مع الملك وولي عهده, من هنا تبدأ عقدة القصة, ويمكن لكتّاب القصص ان ينقلبوا على ترتيب عناصر القصة المعروفة, ليبدئوا بالخاتمة وينتهوا بالمقدمة, فعقدة القصة قد ثبت امرها بوجود (خالد) في القصر, كيف لا وخالد بعمله المحترم هذا (عامل وطن) يجب ان يُسجل ويوضع في رأس صفحة المنتمين للوطن, وعلى انه من ابناء الوطن الحقيقين, هذه القصة لغت بالتأكيد جميع القصص الحاقدة التي حاكها المندسون ضد الملوك وضد الشرفاء وأرادوا منها التشويه والتمويه, هذه قصة ثائرة تظهر اصالة وكرم بني هاشم وطيبة نفوسهم على مر الايام, هذه قصة صادقة في قصر صادق في جلسة صادقة.
بقي ان نقول: الى كل العازفين على اوتار الفتنة واوتار بث السموم, ان يغيروا مواقع اصابعهم على تلك الاوتار الملتوية الناشزة, كي نكون جميعا (متناغمين) معا كشعب ونظام ودولة ضد التحديات التي قد تواجهنا في قادم الايام.