العفو العام يثير حفيظة الأردنيين !!

أثار إقرار مجلس الوزراء لمشروع قانون العفو العام وإرسالھ إلى مجلس النواب حفیظة الشارع الأردني وزاد من حالة الاحتقان الشعبي ضد القرارات الحكومیة. ففي الوقت الذي یفترض بھ أن یكون العفو العام مصدر فرح وتفاؤل، إلا أن ھذا الموضوع زاد من حالة التوتر .والتساؤل الشعبي ولعل المتابع لكل من مشروع القانون بحلتھ النھائیة والظروف المحیطة بإقراره یجد بأن مسببات ھذا الاحتقان لا تعود بالكامل إلى نصوص القانون وأحكامھ، وإنما ھي عبارة عن اجتماع للعدید من العوامل السیاسیة والاقتصادیة والاجتماعیة التي أثرت سلبا على الرأي العام .الأردني بشكل جعلت معھ أي قرار حكومي أو عمل تشریعي یقابل بالشك والریبة فقانون العفو العام الذي سیقره مجلس الأمة خلال الأیام القادمة یعتبر الثالث في عھد جلالة الملك عبد الله الثاني، حیث صدر قانون العفو العام الأول في سنة 1999 عندما استلم جلالتھ سلطاتھ الدستوریة، في حین صدر العفو العام الثاني في سنة 2011 تجاوبا مع حراك الربیع .العربي في ذلك الوقت وفیما یتعلق بمشروع القانون الحالي، فقد ساھمت العدید من العوامل في تعمیق الأزمة السیاسیة والشعبیة حولھ، فبادئ ذي القول لا یمكن انكار أن السیاسة التشریعیة في التعاطي مع مشروع القانون الحالي قد جاءت مختلفة عن باقي قوانین العفو العام، خاصة فیما یتعلق ّ بمخالفات السیر، والتي تمس الشریحة الأكبر من الأردنیین، حیث قصر مشروع القانون الاعفاء على مخالفات السیر البسیطة دون الجوھریة منھا. وكذلك الحال بالنسبة للجرائم التي علّق مشروع القانون الاستفادة من العفو العام على اسقاط الحق الشخصي أو دفع أصل المبلغ المطالب بھ وذلك في جرائم الشیكات، والذم والقدم والتحقیر، وجرائم الإیذاء والمشاجرة. وھذا ما أثار حفیظة القوى السیاسیة .والشعبیة بأن مشروع القانون قد جاء مثقلا بالاستثناءات على خلاف الطبیعة القانونیة الخاصة بھ في المقابل، فإن قوانین العفو العام السابقة لم تكن بأفضل حال من مشروع القانون الحالي وذلك من حیث الاستثناءات، فجرائم الشیكات كانت مستثناة من قانون العفو العام رقم (6 (لسنة 1999 بشكل أكثر تشددا من مشروع القانون الحالي الذي اشترط اسقاط الحق الشخصي .للاستفادة من العفو العام عن جرائم الشیكات من ھنا، یمكن القول بأن ثمة عوامل أخرى خارج إطار بنود مشروع القانون قد ساھمت في حالة الاحتقان الشعبي أھمھا حالة المماطلة والتسویف التي اتبعتھا الحكومات المتعاقبة في التعاطي مع مطلب العفو العام إلى أن جاءت التوجیھات الملكیة السامیة بضرورة إصدار عفو عام، فزادت التوقعات الشعبیة بأن ھذا العفو سیكون واسعا وشاملا. أضف إلى ذلك حالة تردي الثقة الشعبیة بالمؤسسات الدستوریة في .الدولة، الحكومة والبرلمان، مما یجعل أي عمل أو قرار یصدر عنھما مصحوبا بنظریة المؤامرة والمس بالحقوق الدستوریة للمواطن وإلى جانب من سبق، یجب عدم اغفال الأزمة الاقتصادیة التي تعصف بالمجتمع الأردني والتي زادت حدتھا عما كان سائدا في عام 2011 ،فزادت معدلات الجرائم، خاصة تلك المتعلقة بالشیكات والإیذاء والسرقة والمشاجرات. كما ساھم التوسع في استخدام الوسائل التكنولوجیة وانتشار مواقع التواصل الاجتماعي إلى زیادة نسبة ارتكاب الجرائم الالكترونیة بالمقارنة مع عام 2011 .ھذا بالإضافة إلى زیادة ملحوظة في السلوكیات المجتمعیة الخاطئة بالمقارنة مع عام 2011 ،وأھمھا الاعتداءات على الكوادر الطبیة، حیث أصدرت نقابة الأطباء قبل أیام بیانا طالبت بعدم شمول ھذه الجرائم بقانون العفو العام، ناھیك عن مطالبات الغرف التجاریة والصناعیة بعدم شمول جرائم .الشیكات أیضا بالعفو العام إن الضجة الشعبیة التي یثیرھا مشروع قانون العفو العام مرتبطة ارتباطا وثیقا بحالة الرأي العام السلبیة في الدولة إلى جانب عدم التوفیق .التشریعي في إقرار بعض بنوده وأحكامھ أ. د. لیث كمال نصراوین أستاذ القانون الدستوري في كلیة الحقوق/الجامعة الأردنیة