الأعوام الحلوة والسنوات المُرّة


ودّعنا 2018. فهل كان ما ودعناه، عاما أمْ سَنةً ؟ لنرى إن كنا قد ودعنا اياما قاسية صعبة، أمْ اننا ودعنا أيامَ خصبٍ و دِعةٍ !!
قال الراغبُ الأصفهانيّ: تُطلق العربُ لفظَ «السَّنة» على أياّم الشّدة والجدب، و لفظَ «العام» على أيّام الرّخاء والعطاء.
قال الله تعالى في سورة العنكبوت: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا، فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ). لاحظوا ان القرانَ الكريم استخدم «السّنةَ و العامَ» في نفس الآية/الجملة، وليس بين اللفظين الا حرف وكلمة !!
وذهب فريق من المفسّرين إلى أنّ السَّنةَ عند العرب تُطلق على الأيام والاوقات الصعبة الشديدة، الجدباء الممحلة. ويُشيرون إلى أنّ لفظ «السَّنة» ناسب الحديث عن أيّام الكفر، لذمّها، ولفظ «العام» جاء لوصف الأيّام الآمنة، كالتي قضاها سيدنا نوحٌ عليه السّلام مع من آمن معه من قومه.
واستعمل القرآنُ، معجزةُ النبي العربي الهاشمي الحبيب، لفظ «السَّنة» مع الجدب والمحل والعسر، فقال تعالى: (قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ). واستخدم القرآن لفظَ «العام» للدلالة على الرخاء والخير: (ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ).
في تقديري انها سنة من السنوات الصعبة العجاف التي مرّت على بلدنا. فقد ولّت وناسنا في ضنك وفاقة. مما ألجأهم إلى الاحتجاج والتظاهر الذي أطاح بحكومة الدكتور هاني الملقي، الذي دفع ثمن ما ارتكبته حكومات سابقة، اورثته مركزا قلقا واوضاعا اقتصادية خانقة أطاحت بحكومته. وها هي حكومة الدكتور عمر الرزاز تتلقى سهاما وضربات واتهامات رغم انها ليست هي المسؤولة عن اسباب غضب الناس واحتجاجاتهم المحقة.
لقد مرت على شعبنا وبلادنا سنوات صعبة في الخمسينيات من القرن الماضي، عانينا خلالها من حصار الأشقاء مما اضطرنا الى احضار َتنَك البنزين من قبرص بالطائرات العسكرية البريطانية.
وفي الوقت الذي سنعاني فيه من الاوضاع المالية والاقتصادية القاهرة، يتحرك الملك بلا توقف من اجل رفع المعاناة والضغوط المعيشية عن كاهل المواطن ذي الدخل «المهدود». ويمد لنا الاشقاء والاصدقاء والحلفاء يد العون القوية التي تسهم كثيرا في التخفيف من مشكلاتنا المالية والاقتصادية.
ندخل عاما جديدا والامل يلازمنا ولا يبارحنا في الخروج من قعر الزجاجة وعنقها. فبحمد الله تتوفر قاعدة الامن والاستقرار الصلبة الاساسية للانتاج والاستثمار والنهوض الوطني.
كل عام وانتم بخير، اعزائي ابناء الوطن وبناته، قرّاء صحيفتكم «الدستور» التي عاشت معكم الأعوام الحلوة و السنوات المُرّة.