أطعموا المعلمين قبل أن يأكلوا الطلاب

 


 


"أطعموا المعلمين قبل أن يأكلوا الطلاب" هذا المصطلح المثير, هو عنوان لكتاب من تأليف "نيلا كونرز" اندفعت قبل أيام في قراءته, فوجدت أن أقدمه للقراء الكرام و بخاصة المعلمين و التربويين, الذين ربما و إن اطلعوا عليه في وقت سابق. إن من الصعوبة بمكان تقريض كتاب في عجالة لأغراض مقالة في صحيفة يومية عزيزة و لذا فإنني سأقدم خلاصة مركزة, و هذا لا يغني عن قراءة هذا الدليل العملي للإداريين و المعلمين. و كما قالت المؤلفة في الفصل الأول, "قائمة الطعام", فانه موجه إلى القادة و المسؤولين الذين تتوفر فيهم القدرة على الاهتمام بالآخرين و العناية بهم و الرغبة في تحقيق النجاح و التعامل مع الضغوط و القدرة على التفكير المنطقي و الأنس في الحياة و الشعور العام بالصحة. و ينتهي الفصل الأول "بالمقبلات" و هي عبارة عن عشرة أسئلة, يجيب عنها القائد الناجح كتقويم ذاتي لجوانب الضعف و القوة لديه.

أما الفصول الباقية فهي: الحاجة إلى التغذية و تهيئة البيئة (الاستعداد لتناول الطعام) و الإداري بصفته مجموعة من الخصائص و مقومات المدرسة الناجحة و إذا كنت لا تتحمل الحرارة فاخرج من المطبخ و الخواتيم (كيف ترفع معنويات المدرسين) وفاتورة النجاح.



و من الجدير بالذكر أن منهجية تكوين كل فصل من الفصول السابقة واحدة, فهو يضم عدة بنود يتوجب على القائد الانتباه إليها و استثمارها, ثم يضع قائمة من الأسئلة التقييمية للإجابة عنها و ضرب الأمثلة في فصل الحاجة إلى التغذية, بطلب من القائد استثمار المعلمين في البحث عن الحلول و التغذية الراجعة و نشر الأخبار الطيبة و استثمار المواهب و توفير الدعم, ثم يقدم حزمة من الأسئلة, و الإجابة عنها على صورة استنتاجات مثل القول: القائد الناجح يشجع المعلمين على المشاركة في أنشطة تطوعية إضافية و القائد الفعال قريب منك و تشاهده دائما و القائد الفعال يسعى لاستثمار المعلمين بالتقدير.

و هكذا تتوالى الفصول, فأتوقف معكم في الفصل الثامن, فاتورة النجاح, عندما يثار السؤال: كيف كانت وجبتك الفكرية؟ هل كانت من نوع الوجبة السريعة؟ و في تلخيص للتجربة فقد اقترحت بضع وصفات منها الاعتناء بالصحة الشخصية و التواصل و اللطف مع الآخرين و المغامرة في إحداث التغيير و امتلاك رؤية و رسالة ولا تلقِ باللوم على الآخر و توقف عن الصياح و استمر في الحلم و الخيال و الطيران و لا تتوقف عن التعلم و الاكتشاف.

لقد أعجبتني فكرة الدروس التي تتعلمها من الإوز, فعندما تقوم إوزة بخفق جناحيها, فإنها تسمو ببقية الإوز, و عندما تطير على شكل رقم سبعة فان كل سرب يضيف 17% من جمال الطيران لا يمكن لإوزة أن تضيفه فيما لو كانت تحلق بمفردها. و إذا أحست بتخلفها عن التشكيل, فإنها سرعان ما تعود إليه و تستفيد من قوة الدفع و الرفع للإوز الطائر, و عندما تحس إوزة في الصف الأمامي بالإعياء فإنها ترجع إلى الخلف و تقوم إوزة أخرى بالطيران من موقع النقطة التي تراجعت منها الإوزة الأولى, و عندما تصاب إوزة بمرض أو بطلقة نارية فان إوزتين تخرجان عن التشكيل و تبقيان معها لمساعدتها. في كل سلوك من هذه السلوكيات درس لنا إذا ما تعلمته فإننا نقف جنبا إلى جنب في نهاية المطاف.

و قبل أن أنهي مشواري في عرض هذا الكتاب لا بد أن أبدي الملاحظات التالية:

1. تم عرض الأفكار بطريقة سهلة ميسرة بعيدا عن التعقيدات الأكاديمية.

2. إن مؤلفة الكتاب "نيلا كونرز" ليست إدارية, كما تقول, لأنها لا تمتلك مواصفات الأبطال

3. قامت المؤلفة بمقاربة مضمون الفصول بإعداد وجبات الطعام, و هذه المقاربات, جعلت العنوان مقبولا بعد التعرف إلى حيثيات المحاكاة. إنني أملك الجرأة على القول بأن الطبيعة الأنثوية لا "الجندرية" دفعت بالمؤلفة إلى استلهام هذه المقاربات.

4. ضمنت المؤلفة كل فصل بقولين مقتبسين, أحدهما في بداية الفصل و الآخر في نهايته, لمشهورين أو حكمة من مأثورات أمة من الأمم. مثل القول: التمسك بالمواقف أيا كان الثمن تلك ميزة القيادة "المهاتما غاندي" و المثل الصيني: إذا أردت سنة من الرخاء أنبت البذور, و إذا أردت عشر سنوات من الرخاء أنبت الأشجار, و إذا أردت مائة سنة من الرخاء أنبت البشر.